أعلنت «منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة» (فاو) أن الاضطرابات الاجتماعية وتراجع احتياطات النقد الأجنبي يثير مخاوف كبيرة حيال الأمن الغذائي في مصر. وأشارت المنظمة في تقرير نقلته وكالة «رويترز» عن توقعات المحاصيل وحالة الأغذية أمس إلى أن «احتياجات مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، من واردات الحبوب لعام 2013 - 2014 ستستقر عند مستويات العام الماضي على رغم التوقعات الجيدة في ما خص المحصول». وحذرت من أن تراجع احتياطات النقد الأجنبي قد يُسفر عن زيادة القيود على التعاملات التي يجريها البنك المركزي المصري ومن ثم الحد من الواردات. ولم يشر التقرير إلى المساعدات التي تعهدت بها دول خليجية لمصر خلال اليومين الماضيين وبلغت قيمتها 12 بليون دولار. إلى ذلك أعلن باسم عودة، وزير التموين في حكومة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، أن مخزون مصر من القمح المستورد يكفي احتياجاتها لأقل من شهرين، ما يشير إلى نقص أشد مما كشفت عنه تقارير سابقة. وأكد عودة ل «رويترز» من داخل خيمة اعتصام لآلاف المؤيدين لمرسي الذين يحتجون على عزله، أن مخزون القمح المستورد بلغ 500 ألف طن فقط. وكانت الحكومة حذرة في ما يتعلق ببيانات مخزون القمح المستورد حتى عندما توقفت عن الاستيراد بسبب نقص السيولة المالية. وأوضح عودة أن بعد شراء 3.7 مليون طن من القمح المحلي، الذي أشرف حصاده على الانتهاء، تملك مصر الآن مخزوناً من القمح المحلي يبلغ ثلاثة ملايين طن، مشدداً على أن الحكومة حاولت زيادة نسبة القمح المحلي التي تستخدمها إلى 60 في المئة. وتخلط مصر عادة القمح المحلي بالقمح المستورد بنسب متساوية لإنتاج الدقيق (الطحين) الملائم لإنتاج الخبز، كما تستورد عادة حوالى 10 ملايين طن من القمح سنوياً، ولكنها توقفت عن ذلك في شباط (فبراير) الماضي قبل أن تستأنف الشراء قبيل إطاحة مرسي حين اشترت 180 ألف طن للشحن الشهر المقبل. وكانت الحكومة أعلنت في 26 حزيران (يونيو) الماضي أن إجمالي مخزون القمح بلغ 3.613 مليون طن، من دون أن تكشف حجم المستورد منه. وبعد إطاحة مرسي الأسبوع الماضي وعدت الإمارات والسعودية والكويت بمساعدات لمصر قيمتها 12 بليون دولار على شكل نقد وقروض وإمدادات وقود، ما اعتبره اقتصاديون فرصة تمتد لأشهر لإصلاح الوضع المالي. وكان الرئيس المعزول ظهر قبل شهر وسط أحد الحقول ليقول إن إنتاج مصر من القمح لهذا الموسم سيزيد بحوالى 30 في المئة عن المواسم السابقة، وإن مصر على خطى تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذا المحصول الاستراتيجي بعدما كانت أكبر مستورد له. وآنذاك شكك خبراء زراعة في ما أعلنه مرسي من أرقام في خطابه لمناسبة الاحتفال بعيد حصاد القمح والذي قال فيه إن مصر تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال أربع سنوات، وإن إنتاج القمح هذا العام بلغ حوالى 9.5 مليون طن. وأشارت إحصاءات حكومية إلى أن محصول هذا العام لن يتجاوز 8.7 مليون طن بما يعني أن الزيادة ستكون 16 في المئة فقط. وقدرت وزارة الزراعة الأميركية أن محصول هذا العام سيصل إلى 8.7 مليون طن، لكن نائب رئيس معهد المحاصيل بوزارة الزراعة المصرية أبو بكر أبو وردة، يؤكد أن الرقم النهائي لمحصول القمح هذا العام لا يتضح قبل انتهاء الحصاد، وكان موعده نهاية الشهر الماضي ولم تُعلن حتى الآن أية أرقام. لكن أبو وردة أشار إلى أن الأرقام ستعتمد على حساب المساحة المزروعة بالقمح وإنتاجية الفدان، والذي يتراوح إجمالي المحصول ما بين 8 و8.5 مليون طن. وتستهلك مصر ما بين 15 و18 مليون طن من القمح كل عام، تستورد منها ما يتراوح بين 8 و11 مليون طن يُخصص 9 ملايين منها لإنتاج الخبز المدعم. وقال رئيس الاتحاد العام وائتلاف التموين والتجارة الداخلية العربي أبو طالب في تصريحات صحافية، إن قطاعات وزارة التموين والتجارة الداخلية تشهد حالياً حالاً من الارتباك، وذلك قبل الإعلان عن وزير التموين الجديد في حكومة رئيس الوزراء الجديد حازم الببلاوي، خصوصاً أن ملف وزارة التموين يحتاج إلى شخص ذي خبرة بملف السلع التموينية، وكذلك ملف الخبز. وطالب الكثير من العاملين بضرورة تعيين خبير اقتصادي ليتولى حقيبة وزارة التموين أو أحد الأشخاص الذين لهم صلة بملفات الوزارة حتى يمكنه متابعة ملفات الدعم وعمليات استيراد القمح والسلع التموينية مثل الزيت في شكل جيد، خصوصاً أن هيئة السلع التموينية المدعمة تستورد ما بين 5 و6 ملايين طن قمح سنوياً لاستخدامها في إنتاج الخبز البلدي المدعم، أي أنها تشتري حوالى نصف حاجات البلاد من القمح. ورجح تجار إدخال 400 ألف طن من القمح الأجنبي إلى مشتريات الحكومة هذا الموسم من القمح المحلي الذي تبتاعه بعلاوة على السعر العالمي وذلك مقارنة مع ما تراوح بين 800 و850 ألف طن في الموسم الماضي، ويبيع المهربون القمح المستورد للتربح على حساب الحكومة في موسم الحصاد الذي يمتد من نيسان (أبريل) حتى حزيران (يونيو).