وجد العراقيون في منتخب كرة القدم للشباب مصدراً للفرح والوحدة، بعد تأهله إلى نصف نهائي بطولة كأس العالم المقامة في تركيا، بعيداً عن التوتر الطائفي والعنف اليومي الذي يحصد أرواح المئات كل شهر. واشتعلت شوارع العاصمة في بغداد مساء أول من أمس (الأحد) فرحاً ورقصاً بعد فوز المنتخب الشاب على نظيره الكوري الجنوبي، ووصوله للمرة الأولى في تاريخه إلى المربع الذهبي لهذه البطولة. وقال أحمد رزاق (25 عاماً) الذي يدير مقهى في بغداد لوكالة فرانس برس: «افترشت الحشود الشوارع مساء أمس، وبدأ الناس بالغناء والرقص لحظة فوز العراق». لكن رزاق لم يخفِ مشاعر القلق التي اعترته طوال مساء (الأحد)، على رغم وجود عناصر من الشرطة قرب المقهى الذي يديره. وخشي رزاق وقوع تفجير يستهدف مقهاه الذي كان يتابع فيه نحو 250 شخصاً المباراة المثيرة التي انتهت بالتعادل بثلاثة أهداف لكل من الفريقين قبل أن يحسمها العراق بركلات الترجيح. وقال: «تتعرض المقاهي خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى هجمات وتفجيرات، وأحياناً كانت تستهدف ثلاثة أو أربعة مقاهي في يوم واحد». ومن جهته، عبّر بائع السجائر فهد (19 عاماً) عن خوف مماثل، قائلاً: «بالتأكيد، شعرت بالقلق من مسالة متابعة المباراة في مقهى». لكنه استدرك: «هذا الأمر لن يمنعني من العودة» إلى المقهى ذاته يوم (الأربعاء) المقبل، لمتابعة مباراة نصف نهائي البطولة بين العراق، ومنتخب الأوروغواي الفائز على المنتخب الإسباني بنتيجة (1-صفر) في الوقت الإضافي. وروى فهد أن انتصار منتخب العراق دفع «الناس إلى النزول للشوارع، إذ كانوا يضحكون، ويغنون، ويرقصون، وهم يلوّحون بالعلم الوطني، لم يكونوا شباناً بل كانت هناك عائلات بأكملها تحتفل في الشوارع». وروى ياسين العبد (46 عاما) الذي تابع المباراة في منزله أن منتخب العراق الشاب «أعاد الفخر للعراق، وهو أمر عجز عنه السياسيون طوال أعوام». وعلى موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي، تبادل العراقيون رسائل التهنئة بالفوز على كوريا الجنوبية، فيما احتلت أخبار المنتخب الشاب صدارة الصفحات الأولى للصحف الصادرة صباح أمس الإثنين التي احتفلت بفوز «أسود الرافدين» على «الشمشون الكوري». وتعيد الفرحة العارمة التي لفت البلاد إلى الأذهان أول من أمس (الأحد) بعضاً من الاحتفالات التي عمّت العراق لدى فوز المنتخب الأول بكأس آسيا في عام 2007 في خضم الحرب الأهلية الطائفية. وتستهدف التفجيرات في العراق أخيراً عدداً متزايداً من ملاعب كرة القدم، حاصدةً أرواح عشرات الشبان في بلاد تعشق كرة القدم، وتعتبرها متنفسها الأول وملاذها الأفضل، بعيداً عن المآسي اليومية. ودفع العنف ضد ممارسي هذه اللعبة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في بداية تموز (يوليو) الجاري، إلى عدم السماح بعد الآن بإقامة المباريات الودية على الملاعب العراقية. وسمح الاتحاد الدولي في 21 آذار (مارس) الماضي بإقامة المباريات الودية وحدها على الملاعب العراقية للمنتخبات العراقية، وأبقى حظره على اللقاءات الرسمية. واستضاف إستاد الشعب الدولي خلال الفترة الماضية لقاءين وديين، الأول مع سورية في إطار تحضيرات المنتحب العراقي لتصفيات مونديال 2014، وتوقفت المباراة لانقطاع التيار الكهربائي، والثاني مع ليبيريا حين هزّ تفجيران قريبان الملعب أثناء سير المباراة. وقال فهد في الكشك الذي يبيع فيه السجائر: «احتجنا إلى الفوز على كوريا حتى نفرح، وإن شاء الله نفوز أيضاً الأربعاء حتى نفرح مجدداً».