قال رئيس اللجنة السياحية في غرفة تجارة الأحساء عبداللطيف العفالق إن الهيئة العامة للسياحة والآثار لا يجب أن تتحمل ما يحدث من أخطاء في الجانب السياحي في المملكة، مبيناً أن أولى عوامل الضعف السياحي هو الخطوط الجوية، مشدداً على أن رجال الأعمال لا يجدون دوافع في العمل السياحي، وحذّر من السياحة الموسمية في ظل ضعف إمارات المناطق في تفعيل البرامج طوال العام. إلى أبرز ما جاء في الحوار: على رغم اهتمامات المملكة بالجانب السياحي كرافد مهم في دعم الاقتصاد الوطني، إلا أنها لا زالت تعاني من مجموعة عوائق .. لماذا؟ - هذا عنوان بحث كبير جداً وفيه مجموعة عناصر رئيسة ولعل أولها النقل الجوي في المملكة، فليس بالمستوى المطلوب ولا يخدم القطاع السياحي، ولعلي قبل فترة كنت مدعواً في برنامج زراعي في المنطقة، وللأسف أني ولمدة ثلاثة أسابيع لا أستطيع أن أحصل على حجز إلى مدينة أبها من كل مدن المملكة، فالبنى التحتية ضعيفة في قطاع النقل الجوي، ولعل مطار الأحساء يمكن أن يكون دولياً، ولكن للأسف المطار لا نستفيد منه في شكل جيد، والأحساء تمتلك أكثر من 80 في المئة من إنتاج النفط والغاز، ولذلك لا تستغرب إذا قلت لك إن أهالي الأحساء من أجل أن يتوجهوا إلى مدن في المملكة ومن ضمنها أبها يقومون بالحجز عبر بعض المدن الخليجية المجاورة. بما أن الهيئة العامة للسياحة والآثار مسؤولة عن القطاع السياحي في المملكة، وعلى رغم اهتماماتها وحضورها الإعلامي إلا أن السياحة في المملكة لا تزال متأخرة، فهل المعنيون بأمر السياحة لدينا ما زالوا يجهلون مواطن القصور في سياحتنا الداخلية؟ - على العكس، الهيئة أوجدت التشريعات وأوجدت الثقافة السياحية في المملكة والمهرجانات وهيئة السياحة لا تستطيع أن تتحكم في مجال الطيران أو تقدم قروضاً للمستثمرين، ولعل مفهوم السياحة في السابق لم يكن كما هو عليه الآن لولا جهود الزملاء في الهيئة، ولكن أعود وأقول إن السياحة خطة وطنية شاملة ومهمة تشترك فيها كل المؤسسات وفق استراتيجية كبيرة وبعيدة المدى، وتصاغ سياسة المشاريع والخدمات بناءً على تطلعات الدولة في القطاع السياحي بالذات. هل تستطيع تقويم واقع السياحة في السعودية اليوم؟ وكم يشكّل الناتج الاقتصادي من الجانب السياحي في المملكة؟ - لا أستطيع أن أقوّم إلا وفقاً لدراسات ميدانية ومسح شامل، ولكن أؤكد لك أن المملكة تمتلك مقومات اقتصادية سياحية لا تمتلكها أي دولة في العالم، ولا أبالغ إذا قلت إن المملكة يمكن أن تستغني عن النفط نهائياً بوجود مقومات أخرى متكافئة، وهي دولة كبيرة وتنوع تضاريسها وإنتاجها الزراعي والبحري والمواد البتروكيماوية والآن تسعى إلى مشاريع تطويرية كبيرة، إلا أنها وللأسف لم تستغل في الجانب السياحي في شكل أكثر، ولا يوجد تأكيد على أن السياحة هي الثروة القادمة للمملكة، وهذا ليس فقط لأجل الاقتصاد، بل إن الواقع يفرض عليك أن تكون المملكة من أفضل دول العالم في تهيئة خدمات السائح لأنها اليوم مقصد المسلمين كافة، ووهبها الله المشاعر المقدسة، وفيها تقام أكبر وأعظم المؤتمرات في العالم وبرامج رياضية، ولذلك فمفهوم الجانب السياحي والاقتصادي يجب أن يفرض على المجتمع كسياسة مهمة وضرورية في كل حال، ولذلك أنا أكرر وأقول بأنا لم نستثمر ما نملك، ولعل السياحة العالمية والوجهات السياحية التي سبقتنا كانت تواجه العقبات نفسها التي نواجهها الآن. بمعنى أنه وعلى رغم تاريخ منطقة عسير السياحي وتجربتها الطويلة، فأنت تقول إن المملكة حتى الآن متأخرة في القطاع السياحي بشكل كبير؟ - طبعاً عسير يعاني فيها المستثمر والسائح. ولعل رجل الأعمال حينما يستثمر في عسير فهو بحاجة إلى أن يضمن دخلاً جيداً يسد خسارته، فلا يجد سوى الشهرين اللذين تقام فيهما برامج سياحية وفعاليات لتصبح بذلك سياحة موسمية، ويضطر إلى رفع الأسعار في الصيف لسد خسارته. السائح السعودي أو غيره يعتقد أن رجل الأعمال وحش يتطلع إلى افتراسه، لكن الواقع يفرض ذلك، وهي معادلة اقتصادية، فبمجرد أن تكون السياحة مستثمرة تجد رجل الأعمال مستعداً لنزول تلك الأسعار، وبمجرد أن تنحصر السياحة في وقت محدد فهو يسعى إلى كسب أكبر مبلغ من المال لأجل سد خسائره، وليس من مسؤولية رجل الأعمال أن يُوجِد برامج في عسير طوال العام، بل هو دور الدولة والمؤسسات والجامعات والهيئات والدولة، لذا فمن المفترض أن تحضى عسير بمؤتمرات وطنية كبيرة ومسابقات رياضية ومناشط جامعية على مستوى جامعات الخليج والعالم، وهكذا فكلما كانت هناك مناشط طوال العام، فستجد أن السياحة في عسير تزدهر عاماً بعد عام، ولكن بالوضع الحالي لا. المهرجانات التسويقية في مدن المملكة تواجه خطر الروتين في التراخيص وغيرها، فهل تتوقع أن الضغط على تلك المهرجانات ومنظميها سيشكل ضعف في دعم الجانب السياحي والاقتصادي؟ - المهرجانات في العالم ككل تبدأ بها الحكومات، ولكن النمو الطبيعي أنها تنتقل من يد الدولة لتصبح في يد المجتمع، ولذلك فهيئة السياحة الآن تسعى إلى أن تكون كل المناطق تقيم تلك المهرجانات، ولكن يفترض أن المهرجان على المستوى البعيد يصبح جهة مستقلة، ويجب أن تحقق تدريجياً مردوداً اقتصادياً جيداً. لم لا تسمح السعودية للأجانب بالاستثمار في الجانب السياحي؟ - لأن البنى التحتية والخدمات لا تزال ضعيفة، ويكفيك أنك اليوم ترى استراحات الطرق البرية تعاني سوء الخدمات، ومحطاتها وعدد الفنادق وغيرها، ولا يمكن أن نبني وجهات سياحية إلا إذا قضينا على السياحة الموسمية، وهيأنا خطوطنا وطرقنا وخدماتنا لأن تكون على أعلى مستوى، عندها أقول للمستثمر «حياك الله». المتاحف التراثية والأماكن السياحية والتراثية، هل ترى أنها تجد اهتماماً كبيراً لتكون وجهات سياحية قادمة؟ - لا بد من أن تصبح المتاحف أكثر تفاعلية، والمتاحف التقليدية ليست مغرية ويجب أن ينظر إليها في شكل مختلف، فتاريخنا عريق وكبير، ولم نستثمره على رغم أنها بنى تحتية، ويكفيك أن دبي ليس لديها 10 في المئة من المقومات التاريخية والثقافية التي تمتلكها السعودية. الغرف التجارية ورجال الأعمال، ما هو دورهم في دعم القطاع السياحي وما الذي يمكن أن تقدمه؟ - الغرف التجارية تمثل منتسبيها فقط، وهي حلقة وصل بين القطاع الخاص والدولة، ولعل الغرف التجارية هي القائمة بالبرامج والمهرجانات في كل مدن المملكة، ولذلك فإن الغرف دورها محفز ومشجع، ولكن ليس بيدها كل شيء، فهي ليست جهة تخطيطية وهذا عمل الدولة والعمل في السياحة لا تحتكره جهة وحده بل هو عمل شامل تكاملي، والهيئة العامة للسياحة والآثار لديها خطوات جيدة، ولكن المملكة قارة، والعمل بدأ متأخراً، و12 عاماً لا تكفي. تجربة مهرجانات أسواق التمور والمانجو والزيتون وغيرها في المملكة. ألم تكن مساهمة في دعم القطاع التجاري والسياحي؟ ولم لا تشمل كل عناصر الإنتاج في المملكة لتشجيع الاقتصاد والسياحة معاً؟ - السياحة ليست فقط سوقاً تجارية، بل هي خدمات متكاملة مذ أن تخرج من بيتك وحتى تصل إلى السوق، فوجود الطيران وتنوعه وتهيئة الطرق وإنشاء القطارات وخدمات الفنادق واستخدام الإنترنت كوسيلة للتواصل والحجز وغيرها، ووجود إعلانات وإرشادات مكثفة حتى تصل إلى السوق، تؤكد أن السياحة منظومة متكاملة من كل الخدمات، لذا فالسوق لا يعني شيئاً لولا وجود كل الخدمات التي توصلك إليه. هل المعنيون بأمر السياحة لدينا ما زالوا يجهلون مواطن القصور في سياحتنا الداخلية؟ - قد يكون ذلك على رغم جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار، ويحتمل أنها تواجه عوائق، ولكن أعود وأقول إن البنية التحتية للسياحة في المملكة لم تكتمل نهائياً، ونحن لم نزل في البداية.