تسترد الحكومة الأردنية اليوم من بريطانيا رجل الدين الأردني الجنسية عمر محمود عثمان المعروف ب «أبو قتادة»، وتودعه سجن «الموقر» جنوب شرقي عمان، إلى حين عرضه على المحكمة بتهم الإرهاب. ما ينهي معركة قضائية في شأن ترحيله استمرت نحو 8 سنوات في بريطانيا، ووصلت تكاليفها إلى أكثر من 1,7 مليون جنيه استرليني. ويبدو أن وصول «أبو قتادة» الى الأردن اليوم سيشكل عنوان أزمة داخلية جديدة بين السلطات الأردنية وتنظيم السلفية الجهادية الذي يصل عدد عناصره المقاتلين نحو 5 آلاف يدينون بالولاء للأخير. وكانت الحكومة اعتقلت قبل شهور العشرات من هؤلاء وأودعتهم السجون بتهم التخطيط لتفجير سفارات أجنبية ومراكز تجارية في قلب عمان. وبحسب مسؤول أردني رفيع، فإن الأردن «لم يكن راغباً بتسلم الإسلامي المتشدد أبو قتادة» المحكوم بالسجن في قضيتيْن نظرت بهما محكمة «أمن الدولة» الأردنية عامي 1997 و2000، لكن لندن مارست ضغوطاً على عمان لتسلمه. وأفادت مصادر رسمية أردنية رفيعة المستوى ل «الحياة» بأن السلطات البريطانية بدأت امس بتنفيذ الإجراءات الخاصة بترحيل «أبو قتادة»، بعد سنوات من المعارك القضائية التي خاضها الأخير رافضاً كل محاولات استرداده من جانب عمان، بذريعة احتمال تعرضه الى الاعتقال والتعذيب. وأضافت أن السلطات البريطانية «ستعمل على نقل أبو قتادة من سجن بلمارش في لندن إلى إحدى القواعد الجوية العسكرية ليل السبت - الأحد، تمهيداً لنقله صباحا (اليوم) إلى الأردن حيث ستهبط الطائرة في مطار ماركا العسكري شرق العاصمة وسط إجراءات أمنية مشددة». ولفتت المصادر إلى أن الحكومة الأردنية «قررت إيداع الشيخ عمر سجن الموقر» الذي يضم المئات من سجناء التنظيمات الجهادية الموالية لتنظيم «القاعدة» التي تعتبر «أبو قتادة» مرشداً روحياً لها. وأشارت إلى أن ترتيبات لاحقة يتم إجراؤها «تهدف إلى إعادة محاكمة الرجل أمام القاضي العسكري لدى محكمة خاصة بقضايا الإرهاب والتطرف». وكان «أبو قتادة» (52 عاماً) الذي وصفه قاض إسباني بأنه «الذراع اليمنى لأسامة بن لادن في اوروبا»، جاء الى بريطانيا طالباً اللجوء السياسي العام 1993. ودخل السجن مرات عدة منذ اعتقاله العام 2001، واحتجز في سجن «بلمارش» جنوب شرقي لندن في آذار (مارس) الماضي بأمر من محكمة بريطانية عقب اعتقاله بتهمة خرق شروط إطلاقه بكفالة. ومهدت اتفاقية مشتركة بين لندن وعمان الطريق أمام بريطانيا لإعادة «أبو قتادة» بعد تصديق برلمانيْ البلديْن عليها. وتحظر هذه الاتفاقية استخدام الأدلة المنتزعة تحت التعذيب امام المحكمة، وتضمن حماية الحقوق الإنسانية. وعرض «أبو قتادة» الشهر الماضي مغادرة بريطانيا طوعاً إلى الأردن حيث دانته محكمة غيابياً بالتورط في مؤامرة لشن هجمات ضد أهداف غربية وإسرائيلية، شرط تصديق البلديْن على الاتفاقية المشتركة لتسليم المطلوبين، والتي تضمن حصوله على محاكمة عادلة. ويتوقع ان تبقى زوجته واطفاله الخمسة في بريطانيا. وفي لندن، أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون انه سيكون «من أسعد الناس» بعد مغادرة «أبو قتادة». ورفض المسؤولون البريطانيون تأكيد اي تفصيل عن عملية الترحيل، وإن اعربوا عن تحسبهم لأي محاولة تبذل في اللحظة الاخيرة لإبقائه على الاراضي البريطانية. وقال ناطق باسم وزارة الداخلية البريطانية: «سنركز على رؤية ابو قتادة على متن طائرة متجهة الى الاردن في اقرب فرصة». وكتبت صحيفة «التلغراف» البريطانية ان مراقبين من منظمة اردنية لحقوق الانسان سيرافقون «ابو قتادة» في رحلته.