من على ارتفاع 3015 متراً عن سطح البحر وإلى جوار أشجار «العرعر» التي تكسو جبال أبها، يقف باعة «الكيف» من أبناء المنطقة بكل شموخ واعتزاز لتقديم «شاي الجمر» لزوار ومصطافي المنطقة بنكهاته المتعددة. ووسط تأكيدات أبحاث ودراسات علمية أن شرب الشاي يدفع الإنسان إلى «تعديل المزاج» و«روقان البال» لديهم، ومساعدتهم في التخلص السريع من التأثيرات البدنية والنفسية لتوترات أحداث الحياة اليومية التي يتعرض لها الناس غالباً، سعى باعة «شاي الجمر» في أبها إلى سد أوقات فراغهم لكسب المال من خلال «تعديل مزاج» الآخرين، من خلال بيع الشاي مضافاً إليها عبارات الترحيب والثناء بالتحية الجنوبية. ويقول بائع الشاي في متنزه «هام السحب» الشاب منصور الحنيشي في حديثه ل«الحياة» إن المهنة تدر عليه دخلاً إضافياً ثابتاً في أوقات الصيف والإجازات، إذ تجاوزات إيراداته اليومية من بيع الشاي ما يزيد على 500 ريال، نظراً للإقبال الزوار والمصطافين على «شاي الجمر». ويؤكد الشاب حاتم بن عبدالله أنه وجد من خلال بيع الشاي والمأكولات الشعبية مثل «خبز التنور، والسمبوسة، والفطائر» فرصة كبيرة لاستثمار وقت فراغه بالبحث عن المال في ظل تجمع المتنزهين على الطرقات المؤدية لمتنزهات «الفرعاء، ودلغان، والحبلة، والجرة، وغيرها». وذكر حاتم أنه اعتمد في مبيعاته على ما تطهوه أسرته، الأمر الذي شجعه على البيع، وسط تقيده بمتطلبات وشروط النظافة، لضمان كسب ثقة المشترين ليعودوا للشراء منه مرة أخرى. وحظيت هذه الفكرة التي بدأت في التوسع والانتشار بقبول العديد من السياح وأهالي المنطقة، خصوصاً فئة الشباب الذين يقبلون على شراء الشاي بنكهات الطبيعة المتنوعة. ويسترجع محمد النعمي ذكريات شاي الجمر، مشيراً إلى أنه لم يكن يحتسيه إلا في طلعات البر فقط، مضيفاً أنه «بعد أن رأيت هذه الفكرة أصبحت متداولة قمت بشراء مجموعة من الحطب وبعض الأباريق المخصصة للشاي، إضافة إلى جلب المياه المحلاة وعملت أباريق مختلفة من أنواع الشاي بحسب كميات السكر المطلوبة من الزبائن وقمت ببيعه بسعر ريالين مضافاً إليها نكهات متعددة مثل الحبق، والنعناع، والدوش أو الوزاب كما يسميه البعض، والميرمية، والبردقوش، وهذه المهنة قضت على وقت فراغي في ما نفعني». ويوضح البائع علي سليمان أن عملية البيع تتم من بعد صلاة العصر وحتى الساعة 11 مساءً، مؤكداً أن إعداد الشاي بالحطب أو الجمر يختلف في مذاقه بحسب طريقة إعداده بالأجهزة الأخرى. ويحرص جابر القيسي على بيع شاي الجمر بنكهاته المتعددة وأنواعه المختلفة والشاي الأخضر والقهوة العربية، إضافة إلى بيع خبز التنور والسمبوسة والفطائر المتنوعة، مشيراً إلى أنها لاقت إقبالاً متزايداً من المصطافين.