أكد الدكتور حسن الحميد أن «إزالة الاستبداد عبادة وأن المستفيد من زوال الاستبداد هو الشعب الباحث عن هويته وكرامته» ورأى أن التيار الإسلامي أحوج إلى مناخ الحرية من غيره، إذ سيستفيد من زوال الاستبداد أكثر من غيره؛ لأن استبداد الأنظمة العربية هو استبداد بمرجعية علمانية. لافتاً إلى أن الاستبداد السياسي عقوبة تعم الناس أجمعين، إذ كل استبداد دونه هو سيئة من سيئاته. وأوضح أن «الاستبداد ليس مرادفاً للظلم أو الفساد أو الترف، بل هو هذه الخبائث كلها، وزواله أو إزالته هو إزالة للظلم والفساد، وتوطين للحرية والعدل والحقوق، إذ لا يمكن ولا يتصور إحلالها والعيش في كنفها مع الاستبداد، وقد أجمعت الشرائع والوقائع والعقول على وجوب مقاومة الاستبداد، وعدم توريثه واستنساخه بأي ذريعة. وأشار إلى أن عقلاء الجاهلية تحالفوا على نبذ الاستبداد وما ينتج عنه في ما عرف بحلف الفضول، تحالفوا «ليكونن مع المظلوم حتى يؤدوا إليه حقه، وفي التآسي في المعاش، والتساهم بالمال»، إذ شهده النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو فتى، وزكاه بعد نبوته وأحب تكراره «لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت» قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن: «كان تحالفهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا يدعوا لأحد عند أحد فضلاً إلا أخذوه» فكم في بلاد الله من مظالم وحرمان وطبقية تحتاج إلى أحلاف فضول؟! وقال: «فرعون كان من المفسدين واستشهد بقوله تعالى: «آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» وقارون الوزير الرأسمالي كان من المفسدين «وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» والآيتان نَصّ في متلازمة الاستبداد والفساد؛ فإن فرعون من أكابر المستبدين، وقارون من أكابر المستغلين للسلطة؛ فإنه قد بغى على قومه وانحاز لمعسكر المستبد. وأكد أن الظلم والفساد متلازمان، وهما العمود الفقري للاستبداد. وأضاف: «أتحدى أن يأتي باحث بمستبد غير ظالم وغير مفسد على طول التاريخ البشري؛ لسبب عقلي بدهي، وهو أن الاستبداد قائم على أساس قمع الرأي المعارض والاستئثار بمتع الحياة، والناس شركاء في الرأي والمتاع، فإما شراكة وهي تستلزم العدل والشورى، أو استئثار وهو الاستبداد، ولا ثالث لهما في تجارب البشر، وإن كانت هناك صور محتملة في القسمة العقلية، لكن ليس كل ما صح في الأذهان يقع في الأعيان». ولفت إلى أن الاستبداد والنهضة لا يجتمعان، والتاريخ شاهد بذلك! وقال: «الإسلام صنع نهضة شاملة بعدما خلّص الأفراد من استبداد القبيلة وعنجهية الأنا، وألف بين القلوب، وأوروبا الحديثة لم تنهض إلا بعد مقاومة استبداد الكنيسة ورجال الإقطاع، وقارنْ بين شطري كوريا لترى العلاقة بين الاستبداد والتخلف، والحرية والنهضة».