على خلاف كثير ممن يكتبون مذكّراتهم، أو يحذرون من كتابة المذكرات، مثل برنارد شو الذي يقول: «إذا قررت أن تكتب سيرتك فأنت معجب بنفسك، وإذا كتبتها فأنت تكذب». بعيداً عن هذه الحكمة «الشووية» يؤكد الفنان التشكيلي والموسيقي أحمد فلمبان أنه هو الأعرف بحياته من الآخرين، وأنه إنما أقبل على كتابة ذكرياته حتى لا تضيع في ما سماه «هجير العمر». وقال فلمبان: «إن امتلاكي أسرارها وتفاصيلها وتطوراتها من دون حذف أو إضافة هو ما جعلني أسعى إلى القيام بهذا العمل، وحتى لا أثقل على الآخرين ولا أحملهم ما لا طاقة لهم به أو علم، ومن هنا شرعت في جمع شتاتها». ويستعرض فلمبان رحلته الفنية في كتابه «ذاكرة على السطح» الصادر حديثاً عن «دار أزهر» في جدة. ويقدم في أكثر من 300 صفحة سيرته الذاتية وتأملات وخواطر في الفنون التشكيلية السعودية والإيطالية، واحتكاكه بالكثير من الفنانين، ومشاركاته في معارض ومناسبات مختلفة. وجاء الكتاب الذي ضم غلافه اللغتين الإنكليزية والعربية من تصميم وإخراج ساجد علي وتحرير محمد سالم يوسف وتوجيه وإشراف من الكاتب محمد المنقري، محملاً بذكريات طفولة فلمبان ودراسته وغربته في إيطاليا وعلاقته بشتى الفنون والآداب، وفيه الكثير من حياة فلمبان الشخصية والأحداث والقصص التي عايشها، إضافة إلى ألبوم كبير من الصور التي ضمها الكتاب في غير مناسبة ومكان. يذكر أن فلمبان من رموز الفن التشكيلي السعودي، وصاحب كتاب «التشكيليون السعوديون»، ومارس الفن منذ الثمانينات الهجرية، وواكب مراحل تطوره، وله إسهامات كبيرة في الصحافة والنقد الفني، وحصل على جوائز وأوسمة من جهات داخلية وخارجية. ويعد كتابه «ذاكرة على السطح» مرجعاً مهماً لتاريخ الفن السعودي وفكره الفني وملامحه التشكيلية.