تشهد البرتغال أزمة خطيرة أدت إلى تراجع بورصتها وأسواق المال الأوروبية، بعد استقالة اثنين من وزرائها الأساسيين احتجاجاً على سياستها التقشفية التي تثير انتقادات تزداد حدة وسط استياء شعبي متزايد. فغداة استقالة وزير المال البرتغالي فكتور غاسبار الاثنين، قدم وزير الخارجية باولو بورتاس استقالته الثلثاء. لكن رئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلو رفض الاستقالة الأولى في محاولة لإنقاذ التحالف الحاكم. وغاسبار وزير أساسي في حكومة يمين الوسط وكان مكلفاً تطبيق خطة المساعدة الدولية للبرتغال المطبقة منذ سنتين. وانتهز الحزب الاشتراكي، أكبر أحزاب المعارضة فرصة عدم الاستقرار السياسي والاستياء الشعبي المتزايد ليدعو إلى انتخابات تشريعية مبكرة. وقال زعيم الحزب أنطونيو جوزيه سيغورو ان «الوضع لا يحتمل ويجب إعادة الكلمة إلى الشعب». والتقى سيغورا رئيس الجمهورية انيبال كافاكو سيلفا بعد ظهر أمس للبحث في إجراء انتخابات مبكرة. وقال ارمينيو كارلوس، الأمين العام لأكبر اتحاد للنقابات في البلاد، إنه يعتزم الدعوة إلى تظاهرة أمام القصر الرئاسي السبت للمطالبة برحيل الحكومة والترويكا التي تمثل الجهات الدائنة للبرتغال التي ستزور البلاد قريباً في مهمة تقويم جديدة. وسيطالب بإجراءات انتخابات تشريعية مبكرة. وفي إعلان إلى الشعب البرتغالي، قال كويلو إنه يرفض هذه الاستقالة «بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي تجلبه». وأضاف ان قبول رحيل بورتاس «يعني إلغاء سنتين من التضحيات». وتواجه البرتغال أزمة اقتصادية حادة. وهي تستفيد منذ أيار (مايو) 2011 من خطة إنقاذ دولية تبلغ قيمتها 78 بليون يورو. وقال رئيس الوزراء «أنا لا أستقيل ولن أتخلى عن البلاد. سأعمل في خدمة بلدي بالالتزام ذاته». وأشار إلى ان استقالة وزير خارجيته فاجأته وقال ان «التطورات التي حصلت اليوم (أمس) لم تكن متوقعة»، مضيفاً أنه سيسعى في الساعات المقبلة إلى تأمين الظروف اللازمة لتجاوز الأزمة. ويهدد رحيل بورتاس الذي يتزعم حزباً محافظاً صغيراً متحالفاً مع الحزب الاجتماعي الديموقراطي الذي يقوده كويلو في الائتلاف الحاكم منذ 2011، بزعزعة الحكومة. فتحالف الحزبين يسمح بتأمين غالبية مريحة في البرلمان لا بد منها لتطبيق الإجراءات التقشفية القاسية التي يطالب بها الدائنون في مقابل خطة المساعدة الدولية للبرتغال. ويوجه بورتاس منذ اشهر انتقادات حادة إلى سياسة التقشف التي ساهمت في انكماش الاقتصاد والبطالة بدرجة اكبر مما كان متوقعاً. ويفترض ان يتراجع الاقتصاد الذي يعاني من الانكماش منذ سنتين 2.3 في المئة هذه السنة بينما ستبلغ البطالة نسبة قياسية هي 18.2 في المئة. وهدد بورتاس أخيراً بإنهاء التحالف إذا أُقر مشروع لزيادة الضرائب على المتقاعدين بينما فرضت الحكومة زيادة لا سابق لها في الضرائب وقررت اقتطاعات كبيرة في موازنات عمل الوزارات. وقال باسوس كويلو بوضوح انه لن يتخلى عن خطة التقشف وعين ماريا لويس ألبوكويرك، المساعدة السابقة لغاسبار والمعروفة بوفائها للخطة التقشفية، وزيرة للمال. وقال بورتاس في بيان استقالته ان «رئيس الوزراء اختار الاستمرارية في وزارة المال. احترم رأيه لكنني لا أوافقه». والوضع حساس بالنسبة إلى الحكومة لأن الترويكا (الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي) التي تمثل الجهات الدائنة ستبدأ في 15 تموز (يوليو) مهمة تقويم جديدة تركز على إصلاح الدولة لتحقيق وفر بقيمة 4.7 بليون يورو قبل نهاية 2014. وكان رئيس الوزراء كلف بورتاس تنفيذ هذا الإصلاح.