شهدت البرتغال أمس إضرابها العام الرابع خلال سنتين بدعوة من النقابات احتجاجاً على سياسة التقشف التي يطالب بها الدائنون لتقديم مساعدة مالية للبلاد. وأدى الإضراب إلى توقف حركة القطارات والمترو وإغلاق المؤسسات الإدارية واضطراب حركة النقل الجوي. وأكد الأمين العام للاتحاد العمالي العام كارلوس سيلفا أن «الإضراب حقق أهدافه»، داعياً الاتحاد إلى تسيير تظاهرات كبرى في البلاد مع الاتحاد العام للعمال البرتغاليين القريب من الحزب الشيوعي. وأضاف: «كان هدفنا المطالبة بوقف سياسات التقشف، ونرحب بحركة التعبئة القوية، خصوصاً في القطاع العام»، مقدراً نسبة المشاركة «بنحو 50 في المئة، أي أكثر من خمسة ملايين شخص من بينهم أكثر من مليون عاطل من العمل». وأشار الأمين العام ل «الاتحاد العام للعمال البرتغاليين» ارمينيو كارلوس إلى أن «الإضراب العام كان استثنائياً»، متهماً رئيس الوزراء بدرو باسوس كويلهو ب «أكبر مبيد للوظائف»، ومطالباً بانتخابات مبكرة. والإضراب هو الثاني الذي تنظمه النقابتان معاً بعد الإضراب الذي دعتا إليه في تشرين الثاني (نوفمبر)، 2011 أي بعد خمسة أشهر على تسلم حكومة يمين الوسط الحكم. وتقرر الإضراب بعد إعلان الحكومة عن تدابير تقشفية تستهدف موظفي القطاع العام الذين سيتعين عليهم العمل 40 ساعة بدلاً من 35 أسبوعياً، وإلغاء 30 ألف وظيفة لخفض النفقات العامة بنحو 4.7 بليون يورو حتى نهاية عام 2014. مزيد من التراجع وأدت سياسة التقشف إلى تسريع وتيرة الانكماش والبطالة، في حين أظهرت التوقعات الرسمية أن الاقتصاد البرتغالي، المتراجع منذ عامين، سيواجه تراجعاً جديداً هذه السنة نسبته 2.3 في المئة، كما يُتوقع أن تبلغ البطالة مستوى قياسياً عند 18.2 في المئة. وعلى رغم عزلة كويلهو في البرتغال إلا أنه ما زال يتمتع بدعم الجهات الدائنة التي تقر بجهوده لإصلاح الوضع الاقتصادي في البلاد، ومنحته حتى عام 2015 لإعادة الدين العام إلى ما دون ثلاثة في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وهو السقف الذي حدده الاتحاد الأوروبي. ولكن كويلهو لم يستبعد إجراء مراجعة سلبية جديدة للأهداف المحددة، للمرة الثالثة منذ بدء تطبيق خطة إنقاذ مالي قيمتها 78 بليون يورو في أيار (مايو) 2011 من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتبددت آمال النقابتين العماليتين الرئيستين بتوسيع التحرك ليطاول القطاع الخاص، الذي يعرف عن عماله ضعف حماستهم للنقابات، في حين أقر سيلفا بأن «الأرقام بالنسبة للقطاع الخاص لا توازي تلك المسجلة في الإدارة العامة». وتوقف الإنتاج في مصنع «فولكسفاغن» الكبير في ضواحي لشبونة المعروف ب «أوتو أوروبا»، في حين شلت حركة أكبر معامل إنتاج الكهرباء في البلاد بما نسبته 70 في المئة في مدينة سينيس. وأعلنت إدارة المطارات صباح أمس إلغاء 22 رحلة، 17 منها في لشبونة، كما سُجل تأخير في العديد من الرحلات. وأصاب الإضراب أيضاً القطاع الصحي، ففي مستشفى «ساو جوزيه»، أحد أكبر مستشفيات لشبونة، عُلّق العمل في كل الخدمات الاستشفائية باستثناء العمليات الجراحية، كما تأثر قطاع الإعلام الحكومي إذ توقفت وكالة «لوسا» للأنباء عن الخدمة. وقال سيرجيو (35 سنة) العامل في أحد المصانع خلال انتظاره إحدى الحافلات القليلة التي عملت أمس: «أؤيد أظهار سخطنا، ولكن إذا بقيت في منزلي سأضر برب عملي، في حين أن اللوم يقع على الحكومة». وأعلنت لويزا ماغاليس (35 سنة) وهي موظفة في مجال المحاسبة أنها ليست «مع الإضراب لأنه لا يؤدي سوى إلى إزعاج من يريدون العمل والبلاد تخسر الكثير من المال». ومع إقراره ب «الحق غير القابل للتصرف» بالإضراب، شدد كويلهو في كلمة أمام البرلمان أن «البلاد بحاجة إلى إضرابات أقل وعمل أكثر»، في مداخلة أثارت اعتراضات كثيرة من برلمانيين. وتتابع «الترويكا» الدائنة للبرتغال مجريات هذا الإضراب، وكانت بدأت أول الأسبوع مهمة في لشبونة للتحضير للاجتماع الوزاري التقييمي المقبل والمزمع انطلاقه في 15 تموز (يوليو) المقبل.