التاريخ الإسلامي، حافل بعلماء الأمة الكبار، الذين يحترمون ويجلون بعضهم بعضاً... الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وسماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، اثنان من علماء الأمة، ممن يشار لهم بالبنان. في هذه المقالة، لست بصدد بيان مكانة وفضل هذين الشيخين الجليلين، لكن ما دعاني لكتابة هذه المقالة، موقفان، بطلهما هذان الشيخان الجليلان، الموقف الأول: تراجع الشيخ يوسف القرضاوي عن تأييده السابق ل«حزب الله»، الذي يرأسه السيد حسن نصر الله ودفاعه عنه، ومعارضته لموقف علماء المملكة الرافض لمنهج وعقيدة وسلوك هذا الحزب اللبناني الضال، وقد تضمن تراجع فضيلته كلمات عن علماء المملكة، لها مدلولها الكبير، عندما وصف علماء المملكة، بأنهم أنضج فكراً من فضيلته وأحسن تقديراً منه في الحكم على ما يُسمى بحزب الله الضال، وأنه انخدع به، وهذا نص كلامه: «لقد ناصرت حزب الله اللبناني وخاصمت من أجله علماء المملكة العربية السعودية، وقد تبين لي أني خُدعت، وأني أقلّ نضجاً من علماء المملكة، الذين كانوا يدركون حقيقة هذا الحزب»، فكان لمسارعة سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية، بإصدار بيان يثمن فيه موقف الشيخ القرضاوي، بثته وكالة الأنباء السعودية وأذيع بنشرات الأخبار وسطرته الصحف المحلية، هذه المبادرة من سماحته، كان لها وقعها الخاص، وتحتاج إلى توقف! انظروا - يا رعاكم الله – كيف يتعامل علماء الأمة الكبار، مع ما له علاقة مباشرة بقضاياها المصيرية، لم يتوان سماحته بالتعليق على موقف فضيلة الشيخ القرضاوي، المتضمن تراجعه عن مخاصمته لعلماء المملكة من أجل هذا الحزب الضال، واعترافه بفضل هؤلاء العلماء على فضيلته تواضعاً منه. الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، شكر للدكتور يوسف القرضاوي، تراجعه، وثمّنه لفضيلته، مثنياً عليه، ومبيناً مكانته بين علماء الأمة، فأجمع الشيخان الجليلان على ضلالة ما يسمى بحزب الله، الذي لا يعدو في حقيقته، حزب للشيطان، وكما أن ديننا الحنيف، وجّهنا، بألا نكره شيئاً، قد يكون خيراً لنا، فإن هذا الظلم من نظام بشار الظالم، ضد شعبه المطالب بحريته، قد أسهم في كشف الحسابات المزيفة، وبين حقيقة المجرمين الظلمة، في حق أمتهم، فحزب الله، استطاع في حقبة مضت، خداع الكثير من شعوب المنطقة العربية، بأنه «المقاومة» التي لا تُقهر، ضد العدو الصهيوني، فإذا بالأوراق تنكشف، وورقة التوت تسقط، وينكشف قناع هذا العميل المزدوج، في حكم لا يقبل الجدل، كونه ذراعاً قذرة، من أذرعة ملالي إيران الصفوية، هذا الحكم لا يختلف عليه اثنان، ولا ينتطح فيه عنزان. لا يجد المتابع مناصاً من تسجيل شهادة تقدير واحترام للشيخين، سماحة مفتي عام المملكة، والعالِم الكبير الدكتور القرضاوي، يوم أن أسهما ببث روح الأمل في إعادة مجد أمتنا، هذان العالمان الجليلان يعودان بنا إلى زمن علماء السلف الصالح، الذين تلقت الأمة عقيدتهم ومنهجهم وسلوكهم بالقبول والذكر الحسن، حقيقة لا تقبل التغاضي، تراجع الشيخ الدكتور القرضاوي، هو عين منهج السلف الصالح وعلماء أمتنا على مر التاريخ، وشهادته لعلماء المملكة، لها قيمتها، كونها جاءت من عالم مؤثر، له وزنه بين علماء أمتنا الإسلامية. هكذا هم العلماء الكبار، متى ما استبان لهم الحق، تراجعوا من دون تردّد، ولعمري، فإن موقف الشيخ القرضاوي هذا محمدة له، يزداد بسببها رفعة في درجاته، وفي الطرف الثاني، موقف سماحة المفتي من الشيخ القرضاوي، يجسد تقدير المواقف الشجاعة، مهما بلغت درجة الاختلاف في الرأي، تحية تقدير واحترام لهذين العالمين الكبيرين، من علماء أمتنا الإسلامية... ودمتم بخير. [email protected]