وفرت السياسات العبثية لدول ضعيفة هيكلياً وبنيوياً، والعبث الاستعماري بالحدود في منطقة الساحل والمغرب الكبير، المناخ الملائم لتفريخ الإرهاب وإعطاء الفرصة لأعداء الاتحاد المغاربي لرسم مشروع دويلات هجينة في المنطقة المغاربية. فليس من المستغرب أن نسمع مستقبلاً عن تكوين مخيمات في الصحراء الشاسعة جنوبالجزائر وليبيا وشمال موريتانيا ومالي وتشاد تحت حراسة عصابات مسلحة بتمويل جهات خفية، تحتجز أطفالاً ونساء، وتطالب باسمهم بالاستقلال أو حق تقرير المصير، من دون إيلاء المصالح الاستراتيجية للسكان الأصليين أي اهتمام، خصوصاً أن المنطقة تتوافر على المقومات التي تتبنى إنتاج الدويلات المرتكزة دعائمها على تكوين العصابات وتوفير السلاح، ما دام مصير ترسانة نظام ليبيا المطاح به لم يعرف بعد، إضافة إلى المساحة الشاسعة لدول الساحل التي تزيد على 660 ألف كيلومتر مربع، والتي تتكون من منطقة صحراوية وعرة ذات جغرافيا فريدة، تجعلها مقراً آمناً لتمركز العصابات المسلحة، الأمر الذي يعقد مهمة دول المنطقة في إيجاد طرق ناجعة لمحاصرتها ورصد أنشطتها. ان كل مساهمة، سواء مباشرة أم غير مباشرة، في تكوين جغرافيا سياسية لا تحترم البعد التاريخي والدين والعرق في المنطقة، وتدعم عصابات مسلحة في انشاء كيانات مصطنعة، ستضرب في العمق منطق العقلاء، الذي يجعل من الاتحاد قوة. ومعروف أن لجنة تصفية الاستعمار التي أنشأتها الأممالمتحدة سنة 1961 والمكونة من 29 عضواً، تعالج 17 ملفاً في الوقت الراهن، من أهمها، إلى جانب ملف جزر المالوين المذكور، ملف مطالبة المغرب بتصفية الاستعمار في جنوبه، في مواجهة اسبانيا، قبل أن تقوم الأيدي المعروفة باختلاق دخول جبهة بوليساريو في النزاع، واحتجاز مغاربة في مخيمات تحرسها عصابات مسلحة هددت استقرار المنطقة برمتها، وتمارس كل اشكال التهريب، لتوفير السلاح والعتاد للسيطرة على المنطقة وابتزاز أنظمة الدول المحتضنة، وعدم الدفع نحو خلق حركات انفصالية فيها، تهدد أمنها ووحدتها، فإلى متى سيظل الاتحاد المغاربي عرضة لمحاولات الإضعاف والتهجين والمؤامرة؟ ومن سيمتلك الجرأة الكافية داخل النظام الجزائري على كبح العصابات وتخليص الجزائر من النزيف المادي والمعنوي الذي تتعرض له جراء دعمها لها؟ في وقت يكتفي فيه المسؤولون بتجديد التأكيد على أن الجزائر ليست طرفاً في النزاع حول الصحراء الغربية وليس لها أية مطالب ترابية بخصوص هذه القضية، بينما يظل القلق من عدم استقرار المنطقة هاجساً يقض مضجع الجميع.