تبدأ قوى المعارضة والموالاة في مصر اليوم مواجهة بالحشد والحشد المضاد في الميادين، فيما تزايدت المخاوف من مواجهات مفتوحة بين الطرفين بعدما قوّض خطاب وجهه الرئيس محمد مرسي مساء أول من أمس فرص الحل السياسي، إذ لم يقدم تنازلات إلا طرح تشكيل لجنة للبحث في تعديل الدستور اعتبرت المعارضة أن «أوانها فات». وقال مصدر رئاسي ل «الحياة» أن الرئاسة ستشكل «خلال أيام» لجنة تعديل الدستور، مشيراً إلى أن «عضويتها ستقتصر على القانونيين، على أن تتلقى اقتراحات الأحزاب والهيئات بالتعديلات المطلوبة لصياغتها تمهيداً لعرضها على البرلمان المقبل لتمريرها». لكن «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة اعتبرت الخطوة «متأخرة وغير كافية»، مؤكدة تمسكها بالتظاهر ضد مرسي الأحد للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. وتنظم جماعة «الإخوان المسلمين»، وبعض حلفائها الإسلاميين، اليوم تظاهرات في ميدان رابعة العدوية في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) وعدد من المحافظات الرئيسة تحت شعار «الشرعية خط أحمر»، تمهيداً للدخول في اعتصام مفتوح، فيما أعلنت المعارضة تنظيم مسيرات تخرج من مساجد عدة عقب صلاة الجمعة وصولاً إلى ميدان التحرير وبدء اعتصام رمزي هناك حتى الأحد الذي ينتظر أن يشهد مسيرات حاشدة إلى قصر الاتحادية الرئاسي للاعتصام في محيطه للمطالبة برحيل مرسي. وكانت مواجهات وقعت بين الموالاة والمعارضة في محافظات عدة خلال اليومين الماضيين، ما تسبب في سقوط قتيلين وأكثر من مئتي جريح. وأكد أمس قائد الحرس الجمهوري اللواء محمد زكي أن قواته «ستوجد داخل القصر الرئاسي فقط ولن تسمح بمحاولة أي فئة اقتحامه». وحمل خطاب مرسي مساء أول من أمس تلويحاً بإجراءات استثنائية تجاه معارضيه ومحسوبين على نظام سلفه حسني مبارك حملهم مسؤولية أحداث العنف التي جرت في البلاد والأزمات المعيشية مثل نقص الوقود والكهرباء، قبل أن يدعو القوى السياسية إلى تشكيل لجنة لإجراء تعديلات على الدستور وأخرى للمصالحة الوطنية. وسعى الرئيس حثيثاً إلى نفي انطباع بخلافات بين الرئاسة والمؤسسة العسكرية، وكرر أكثر من مرة أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهاجم المطالبين بعودة الجيش إلى الحياة السياسية، ورغم انتقاده الحاد لعدد من القضاة، إلا أنه تعهد عدم تمرير قانون السلطة القضائية الذي أثار أزمة عنيفة بين مجلس الشورى والقضاء قبل التوافق عليه، داعياً القضاء إلى «تطهير نفسه». واعترف بأخطاء وقع فيها خلال عامه الأول، وحرص على التركيز على المعضلات المعيشية متجاهلاً المطالب السياسية. وتجمع مئات المتظاهرين في مناطق متفرقة من القاهرة أبرزها ميدان التحرير بعد الخطاب للتنديد به والمطالبة برحيله. غير أن دعوته إلى المصالحة الوطنية حظيت بدعم الأزهر، إذ اعتبرها كبير مستشاري شيخ الأزهر حسن الشافعي «فرصة جديدة ينبغي انتهازها لمصلحة الوطن بدل الإصرار على المواجهة والصدام. ويجب اليقظة حتى لا ننزلق إلى حرب أهلية لا تفرق بين موالاة ومعارضة ولا ينفعنا الندم حين ذلك». واوفد مرسي امس، بعد سعيه إلى تطمين الأقباط في كلمته، وزير الإسكان القيادي في «الإخوان» طارق وفيق إلى بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني. وقالت الكنيسة في بيان مقتضب إن اللقاء «بحث في الأوضاع السياسية الراهنة في البلاد، وأكد البابا إن الكنيسة تصلي دائماً من أجل الوطن ومن أجل كل من هم في موقع قيادي في الدولة ليعطيهم الله الحكمة وحسن التعامل مع جميع أفراد الشعب». وكان لافتاً أن النائب العام طلعت عبدالله تحرك على أكثر من مسار أمس استناداً إلى اتهامات تضمنها خطاب مرسي لبعض الأشخاص. فأصدر قراراً بمنع مالك قنوات «سي بي سي» المعارضة رجل الأعمال محمد الأمين من السفر بتهمة «التهرب الضريبي» التي رددها مرسي في خطابه، كما أمر بضبط وإحضار مالك قناة «الفراعين» توفيق عكاشة لاتهامه ب «نشر أخبار كاذبة بسوء قصد عن طريق وسائل الإعلام تتضمن هجوما على مؤسسات حكومية وسيادية»، على خلفية حديثه قبل يومين عن توتر العلاقة بين الرئاسة والجيش. واستعجل النائب العام التحقيقات في اتهامات تزوير الانتخابات التشريعية في 2005 و2010 بعد اتهام مرسي في خطابه 22 قاضياً بالضلوع في تزوير الانتخابات.