لم يكن في حسبان أم ماجد أن ارتباطها بالميكانيكي شايع، زوجها الأول، وانتقالها من وادي الدواسر، حيث كانت تقيم إلى مدينة الرياض سيكون بداية الآلام والأحزان وتجرع مرارة العوز. كانت تحلم بتكوين أسرة سعيدة وإنجاب أبناء، كانت نظرتها للمستقبل مليئة بالتفاؤل والسعادة، غير أن ما حدث غير ذلك. توفي زوج أم ماجد بعد معاناة قاسية من المرض، بداية بالفشل الكلوي ونهاية بأمراض القلب، مخلفاً وراءه أرملة وخمسة أيتام مصدر رزقهم الوحيد إعانة الضمان الاجتماعي، فأصبحت أم ماجد بين مطرقة العوز وسندان الحاجة. وتقول الأرملة أم ماجد: «مررت بأيام قاسية، كنت لا أجد طعاماً ولا حتى كسرة خبز لأطفالي، إذ كنت أخلط الماء بالسكر لأجعله طعاماً يسد جوعهم، كما أن البيت المستأجر الذي نسكنه لا يوجد فيه قطعة أثاث أو أجهزه معيشية، بل كنا نتوسد الحصير ومروحة تخفف عنا حر الصيف ولهيبه، فيما كنا نتعذب من صقيع الليالي الباردة في فصل الشتاء». وتواصل سرد معاناتها وهي وحيدة في هذه الحياة: «لم أستطع تحمل عظم هذه المسؤولية ورعاية الأيتام ومصاريفهم وقيمة إيجار البيت المتواضع، ما دفعني إلى التنقل من بيت إلى آخر لتأخري في السداد الذي أعتمد فيه على صدقات المحسنين، فلولاهم بعد الله لم نستطع أن نجد سكناً، وبعض الأجهزة مثل الثلاجة والمكيف ولغسالة التي جادت بها لنا الجمعية الخيرية أخيراً». وتوضح الأرملة اتساع دائرة العوز والوحدة التي تحاصرها: «زادت علي المسؤوليات والهموم، وفجعت بحادثة سير لابني الأكبر الذي يبلغ من العمر حالياً 20 عاماً، نتج عنه خلع في كتفه وتبلغ كلفة علاجه نحو 20 ألف ريال، ولا يتوافر لدي المال اللازم لتغطية العملية». أمام هذه الظروف والمسؤوليات الثقيلة التي أحبطت أم ماجد، لم تجد بداً من الزواج برجل يستطيع الاعتناء بها وبأبنائها، «تزوجت مرة أخرى حتى يكون سنداً وعوناً لي، لكن مشيئة الله فوق كل شيء، إذ أصيب زوجي بعد عامين من زواجنا بمرض في القلب وإعاقة في يده اليسرى، ما جعله عاجزاً عن العمل». الإيمان يملأ قلب أم ماجد، فهي لا تكف عن الدعاء والاستغفار، «الأقدار بيد الله ولا راد لحكمه، أنجبت من زوجي الأخير طفلين فأصبح لدي الآن سبعة أبناء ذكور وإناث، وهذا يعني أن لدي سبعة أفواه تحتاج إلى طعام»، لافتة إلى: «امتهنت الطب الشعبي في علاج الأطفال الصغار ولا أشترط مبلغاً معيناً، بل ما تجود به نفس الأم، كما أني حاولت بيع العطور، لكن كل ذلك لم يف بحاجة أبنائي وبناتي الصغار، إضافة إلى كلفة إيجار البيت الذي يحل سنوياً ولا أستطيع توفيره». وتناشد الأرملة البائسة أم ماجد بصوت يشوبه أسى سنوات عمر مضنية من الألم والحسرة، أهل الخير لمساعدتها «لا أريد أكثر من بيت يؤويني وأطفالي ويريحني من هم توفير مبلغ دفع الإيجار الذي أعجز عنه».