درجت الأسر على استقبال زوجة الابن أو زوج الابنة بالأفراح والزغاريد، لكن ما أن تمضي أشهر على الزواج حتى تتشكّل العلاقة بين الوافد الجديد إلى العائلة وحماته، فإما أن تكون علاقة عدائية يحاول كل منهما فيها أن يلغي الآخر، أو تكون علاقة ودية تسودها أجواء عائلية بعيدة من السمعة السيئة التي ترافق الحموات. تعتبر العلاقة بين الحماة وكنّتها (زوجة ابنها) خصوصاً، قضية اجتماعية مهمة سعت المجتمعات إلى أن تضعها قيد البحث متسائلة هل علاقة هذين الطرفين علاقة نزاع أم تفاهم؟ وما أسباب توتر هذه العلاقة في غالب الأحيان؟ كثرت الأقاويل في هذا الشأن لكن المتّفق عليه أو المتعارف عليه في المجتمع هو أن الحماة تشعر بأن الكنّة «سرقت» منها ابنها المدلّل الذي كان يعتبرها المرأة الوحيدة في حياته ويوليها كل اهتمامه، فتصبح تلقائياً عدائية وتنتقد كل ما تفعله كنّتها، مثل تحضير الطعام والتنظيف وتتّهمها بالتقصير الدائم في واجباتها تجاه زوجها وبيتها. أما الزوجة فترى حماتها تلك المرأة المتسلّطة الأنانية التي تريد امتلاك ابنها لأنها تعتبره حقاً مشروعاً لها. وهنا تنشب الخلافات اليومية على الرغبة في السيطرة على الزوج الحائر والواقع بين صلته الطبيعية بأمه التي ضحّت لأجله بالكثير وأفنت حياتها وصباها لترى ابنها رجلاً يستطيع الاعتماد على نفسه، آملة أن يضحّي لأجلها عندما تتقدّم في السن، وعلاقته بزوجته التي اختارها من بين جميع النساء ليستقر ويستقل وينشئ عائلة معها ويكملا الحياة بسرّائها وضرّائها معاً. كل ما سبق لا ينفي أننا نرى في حالات معينة علاقة ودّ ومحبة بين الحماة والكنة وإن بنسب قليلة. فالحماة في النهاية هي أم تريد أن ترى ابنها سعيداً مهما فعل وأينما ذهب، فبوسعها أن تتخذ الكنّة ابنة لها تعاملها بإنصاف وتحاول البقاء بعيدة من الثنائي لتجنّب المشاكل التي قد تخرب علاقتهما مع الأيام. ولكن ما هو سبب هذه الخلافات التقليدية بينهما؟ تقول الاختصاصية اللبنانية في علم الاجتماع نورما فرَيْحة إن «الكنة تبدأ حياتها الزوجية بالتفاؤل والآمال والأحلام الوردية التي كانت تدور في رأسها قبل الزواج، وعندما تتزوج، تحاول تنفيذ أحلامها وبناء حياتها الخاصة كما تريدها، بدءاً من تأثيث منزلها وصولاً إلى تربية أطفالها وطريقة طهو الطعام. ويبدأ الزوج حصر اهتماماته بزوجته وبيته وأولاده (في ما بعد)، ويبتعد قليلاً عن أمه وعائلته، أو على الأقل هذا ما تشعر به الحماة التي تتولّد مشاعر النقص والغيرة لديها وقد تتطور إذا وجدت ما يغذيها، وينشب الصراع بينهما. وتتفاوت شدة الخلافات من عائلة إلى أخرى، فهناك حموات يتسبّبن بالطلاق، وبعضهن يضربن الكنة أو العكس». وكثرت الأمثال الشعبية والأقوال عن هذه العلاقة مثل: «الكّنة ما بتحب الحماة ولو كانت ملاك نازل من السما»، «إذا حبت الحما الكّنة الشيطان بيدخل الجنة»، «دائماً يا حماتي تتمني مماتي»، «الماء والنار ولا حماتي في الدار»، «مكتوب على باب النار: بين الحماة والكنة بدك تحتار». «يوم الحماة» فكرة نشأت في ثلاثينات القرن الماضي في مدينة أماريللو في ولاية تكساس الأميركية، وحدد موعده في 26 تشرين الأول (أكتوبر). فهل هو يوم للاحتفال أم أنه يوم للنكد المتبادل وتسجيل كل من الطرفين نقاطاً على حساب الآخر؟