حملت العارضات هذه المرة أكثر من رسالة لإيصالها في تبخترهن على الخشبة. خرجن إلى المنصة محمّلات برسالة مختلفة عن تقديم ما يرتدينه بأفضل حلّة، إذ إن عبورهن كان يحمل رسالة احتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر عن فرنسا. هذا الاستقلال التاريخي الذي دفع الجزائريون ثمنه غالياً، تعمد مجموعات مختلفة من المجتمع على الاحتفال به كل عام بما يليق بالذكرى. «الضوء والحرية» هو الشعار الذي انطلقت منه وعلى أساسه مجموعة من مصممي الأزياء الجزائريين والفرنسيين من أصل جزائري من أجل الاحتفال على طريقتهم بذكراه الخمسين. احتفال أتت فعالياته بقصّات مختلفة تراوحت بين الزي التقليدي وأزياء أخرى تليق بالعالمية، من دون حصرها في إطار معيّن. اختار بعض المصممين لعارضاتهن العرض حافيات الأقدام، في مشهد قلّما تشهده خشبات العروض العالمية، إلاّ أنه يبدو أكثر من عادي في إطار عرض أزياء يعمد إلى تكريس الحرية في كل ما للكلمة من معنى، فتظهر العارضات يمشين على هواهن من دون قيود، مرفوعات الرأس، قادرات على إبراز أزيائهن بالطريقة التي تليق بها. هي خشبات العرض مرة أخرى تلعب دور الناطق الخاص باسم المصممين، فترتدي الحلّة التي يريدونها من أجل التعبير عمّا يختلجهم من اعتراضات أو أجواء احتفالية أو مواقف كبيرة يسعون إلى الإعلان عنها. وتعتبر عروض الأزياء من الأساليب الإعلانية الكبرى في مثل هذه المواقف، تماماً كالتعبير عن موقف مصمم أزياء من البيئة ومدى تطويعه لتصاميمه بما يخدم البيئة، أو الإعلان عن قبول ظاهرة معينة في المجتمع كعروس بفستانها الأبيض حاملاً أو أنها تمسك بيد طفلها إلى العرس، أو إدخال عارضات بأحجام مختلفة إلى العروض للتعبير عن رفض ما تتعرّض له العارضات العالميات من ضغوط من أجل الحفاظ على وزن «دون الطبيعة». من أجل تعبير عن فكرة مختلفة خرجت العارضات في عرض «الضوء والحرية»، فراشات يتطايرن على الخشبة تارة، وجزائريات صارمات الإطلالة طوراً في أثواب تحمل الكثير من التقاليد في طيّاتها، من الألوان إلى القصّات والتطريزات المحاكة بدقة وحرفية. تحوّل المهرجان إلى أسبوع موضة جزائري يراعي الأذواق المختلفة، من الأزياء اليومية التي يمكن ارتداؤها للتسوّق، وصولاً إلى ملابس راقية تليق بالحفلات الكبرى التي تطمح أي امرأة للتألّق فيها، وخطف الأنظار إلى نفسها. أكسسوارات مختلفة تم استخدامها في العروض، من الحلي إلى أكسسوارات الشعر وبعض الأكسسوارات الضرورية لأجواء العروض، إلاّ أن العارضات ظهرن بمظهر أقل تكلّفاً ممّا يظهرن في كثير من العروض، فبَدَوْنَ أقرب إلى المرأة الأنيقة غير المكبّلة بقيود الموضة التي تَفرض على المرأة في كثير من الأحيان ما لا يليق بها. «الضوء والحرية» جذب الأضواء إلى الموضة الجزائرية ومصممين لا تتردّد أسماؤهم بشكل مستمر... ولكنّهم من دون أدنى شك يستحقون ذلك.