أعلن محافظ الأقصر عادل الخياط استقالته من منصبه، بعد موجة من الانتقادات قادتها شركات السياحة والقوى الثورية في المحافظة لاختياره كونه قيادياً في «الجماعة الإسلامية» التي قادت العنف في محافظات صعيد مصر خلال تسعينات القرن الماضي ونفذت مذبحة في معبد الدير البحري في الأقصر في عام 1997 قُتل فيها 62 سائحاً. وسقط أول قتيل وجُرح عشرات في اشتباكات اندلعت بين مؤيدي مرسي ومعارضيه في محافظات الفيوم والغربية وكفر الشيخ، قبل أيام من تظاهرات تعتزم المعارضة تنظيمها في مختلف المحافظات في 30 حزيران (يونيو) الجاري لعزل الرئيس، وسط تخوفات من تحولها إلى مصادمات. وكان مئات من أهالي مدينة الأقصر السياحية وعاملون في شركات السياحة اعتصموا أمام مقر المحافظة لمنع الخياط من دخولها. كما أعلن وزير السياحة هشام زعزوع أنه سيستقيل في حال الإصرار على بقاء المحافظ. وقال الخياط في مؤتمر صحافي في مقر حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، حضرته قيادات من الحزب: «أنا وقادة الحزب آثرنا حقن الدماء». وأشار حزب «البناء والتنمية» في بيان إلى أن «المحافظ طلب تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وقرر الاستقالة إيثاراً لحقن الدماء». ونقل عن الخياط قوله: «تشاورت مع الحزب وقررنا تقديم الاستقالة، فأنا لا أقبل بأن تراق قطرة دماء واحدة بسبب منصب لم أسع إليه». وقال المستشار الإعلامي للحزب خالد الشريف في المؤتمر الصحافي: «ما جرى من تخويف من المحافظ الجديد من قبيل الفزاعات. من يعطلون السياحة هم دعاة المعارضة وهم يدعون إلى الفوضى والعنف». واستقبل رئيس الوزراء هشام قنديل المحافظ المستقيل الذي أكد بحسب بيان لمجلس الوزراء أن «مصلحة الوطن واستقراره أهم من جميع المناصب، لذا فإنه يبادر بالتنازل عن منصبه كمحافظ للأقصر، مع استعداده لخدمة مصر من أي موقع». وأعرب قنديل عن تقدير الحكومة للخياط لاتخاذه ذلك القرار. ميدانياً، اندلعت اشتباكات عنيفة بين أنصار حزب «النور» السلفي في مدينة المحلة في محافظة الغربية (في الدلتا) ومعارضي الرئيس محمد مرسي. وعلى رغم أن «النور» نأى بنفسه عن التظاهرات المؤيدة لمرسي، إلا أن متظاهرين معارضين هاجموا مقره، بعدما أطلق ملتح النار على تظاهرات للمعارضة مساء الجمعة، ما أثار استياء القوى الثورية التي تجمعت أمام مقر الحزب السلفي وبعد مصادمات وإطلاق نار متبادل بين الطرفين، اقتحم المتظاهرون المقر ودمروا جزءاً من محتوياته. وسرت إشاعة بمقتل أحد أعضاء «النور» جراء إصابته بالرصاص، لكن أمين عام الحزب في محافظة الغربية أحمد القطان نفى ل «الحياة» ذلك الأمر. وقال إن «أحد الأخوة قتل في مشاجرة لا علاقة لها بالاشتباكات التي وقعت أمام مقر الحزب في المحلة، والتي أسفرت عن إصابات عدة بينها عضو في الحزب أصيب بالرصاص لكن حاله استقرت». وأضاف القطان: «نشعر بأن بعض الفصائل يسعى إلى جر حزب النور في دوامة العنف بعدما نأى بنفسه عن الصراع بين الحكم والمعارضة، وموقفنا معروف أننا ضد تقسيم الوطن»، منتقداً موقف الشرطة التي قال إنها «تخاذلت في الدفاع عن مقر الحزب، ولم تحضر إلا بعد استدعائها بساعتين». ولفت إلى أن «متظاهرين فرضوا حصاراً على مقر الحزب، وكادوا يفتكون بمن داخله لولا تدخل الأهالي الذين ساعدوا على إخراج من كان في داخل المقر». وأضاف: «لو لم يتدخل الأهالي ربما كان مات من داخل المقر»، لافتاً إلى أن الشخص الملتحي الذي أوقفه أعضاء حملة «تمرد» مساء الجمعة وسلموه إلى الشرطة لا ينتمي أصلاً إلى الحزب. وأكد أن هناك «حالاً من الاستعداء الشديد للملتحين والمنتقبات في شكل غير مسبوق، واجتمعنا مع كل القوى السياسية وأكدنا لهم أننا لسنا طرفاً في الاستقطاب الجاري». واستنكر «النور» في بيان الاعتداء على مقره، محذراً من محاولات «جر أبنائه إلى آتون صراع يقضي على الوطن بأسره ويدخل أبناء مصر في دائرة من فوضى ستأتي على الأخضر واليابس». وفي كفر الشيخ، وقعت اشتباكات بين أنصار مرسي ومعارضيه بعدما أصيب عضو في «التيار الشعبي» المعارض قال إن أعضاء في جماعة «الإخوان» اعتدوا عليه وأوسعوه ضرباً، فتجمعت قوى المعارضة وحاصرت عدداً من أعضاء الجماعة في مسجد، كما هاجموا متاجر يمتلكها قيادات في الجماعة في المدينة. وفي الفيوم، أعلن حزب «الحرية والعدالة» الحاكم وفاة شاب يدعى محمد سعيد شلقاني في الثلاثين من عمره بعدما أصيب في اشتباكات مع معارضي الرئيس خلال تظاهرات نُظمت الأسبوع الماضي في المحافظة. وقال في بيان: «ها هو أول شهيد من أجل الحفاظ على الشرعية في محافظة الفيوم يُراق دمه على أيدي الغادرين». ودان «الاعتداء الآثم ومن وقف خلفه من بلطجية وفلول النظام السابق ومشعلي الفتنة من عناصر حملة تمرد»، محملاً السلطات الأمنية مسؤولية «التباطؤ في القبض على مرتكبي هذا الحادث» وتقديمهم للعدالة. وأكد أن «أبناء المحافظة الذين خرجوا للحفاظ على الشرعية لن يسكتوا على تلك الأفعال الإجرامية، ولن يفرطوا في القصاص لدماء أبنائهم الطاهرة». وقال عضو المكتب التنفيذي للحزب محمد البلتاجي إن «الاشتباكات والجرحى وسقوط قتلى من الفيوم إلى كفر الشيخ إلى المحلة أمر جد خطير يجب أن يصدمنا جميعاً ويجبرنا على التوقف والمراجعة قبل فوات الأوان»، مضيفاً في تدوينة عبر حسابه على موقع «فايسبوك»: «القطاران يوشكان على التصادم، وهو ما سيترتب عليه لا محالة دماء وأشلاء وضحايا وخسائر للوطن وللجميع لا يعلمها إلا الله... اعتقد بأن النخبة السياسية في الفريقين وخارجهما ما لم تبادر وتنجح في الجلوس والحوار والوصول إلى حلول تمنع الكارثة، فعليها جميعاً أن تعتزل إذ لم يعد منها للوطن فائدة». في السياق ذاته، أغلق مئات المعتصمين الطريق أمام مقر وزارة الدفاع للمطالبة بتدخل الجيش لعزل الرئيس، ورفعوا لافتات تطالب وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي بتولي الحكم، فيما دعت «حركة 6 أبريل» إلى عصيان مدني بدءاً من الأحد المقبل تعبيراً عن رفض النظام والمطالبة بإسقاطه بالوسائل كافة. واستنكرت «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة تصريحات الرئيس التي أشاد فيها بالتظاهرة التي نظمتها القوى الإسلامية في ميدان رابعة العدوية تأييداً له وشهدت تهديدات للمعارضة. وقالت الجبهة إن خطاب مرسي «تجاهل في شكل كامل ومتعمد دعوات الكراهية والتحريض على العنف والفتنة الطائفية في شكل صريح والسعي الواضح إلى دفع مصر نحو الحرب الأهلية بتقسيم مؤيدي الرئيس مرسي ومعارضيه بين مؤمنين وكفار»، لافتة إلى أن «العديد من الخطب التي ألقيت في تظاهرة الإسلاميين شملت تهجماً مباشراً وصريحاً وإهانات لشخصيات ومؤسسات يحمل لها كل المصريين الكثير من الاحترام والتقدير وعلى رأسها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني». وأعرب الأزهر عن «أسفه البالغ للتطاول» على شيخه أحمد الطيب في تظاهرات الإسلاميين وترديد الداعية المحسوب على «الإخوان» صفوت حجازي «أكاذيب عن شخصه وماضيه من دون أن يجد من يرده إلى الصواب أو يستنكر ما بدر منه من خطاب هو ثمرة خيال سقيم وعقل مريض».