لعل المحن حين تشتد، والمصائب حين تترأ، يكون في اشتدادها خير كثير، وفي ورودها أجر عظيم، على رغم ألمها، وما تجره من أحزان، والله جل وعز يقول: (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فالمحن تُعزز من الإرادة والتصميم، وتخلق الصبر وشدة التحمل، وتكشف من يقف إلى جانب من ألمّت به الرزايا، وأصابته البلاوي، ويعري المنتهزين الذين لا هم لهم إلا أهدافهم ونيل مصالحهم، ولو كانت على حساب جماجم الأطفال وأجساد النساء، كما هو في سورية اليوم، فما يحدث الآن في سورية الجريحة لإخوتنا الذين نُكِلَ بهم وعُذبوا وشُردوا وأنتهكت حقوقهم وأعراضهم، إلا محنة عظيمة لأهلها، لكنها عرّت وجوهاً لطالما خُدع بها كثير، وسقطت أقنعة، وانكشفت مواقف خاذلة، وتبين الصديق من العدو، وأهم تلك الوجوه التي تعرت، والأقنعة التي سقطت، والمواقف التي انكشفت «وجه حسن نصراللات وحزبه المسمى حزب الله». لقد سقط القناع عن وجهه، وسقطت ورقة التوت عن حزبه، وبان زيف ما كان يدّعيه بطلاناً أنه «سيد المقاومة»، ليثبت لكل العرب بأنه «سيد المراوغة»، وإن صواريخ ميقال ستصل حيفا وما وراء حيفا، ما هي إلا صواريخ لدك «القصير، حلب، حماه، إدلب، ريف دمشق، ودرعا» وغيرها من مدن سورية. «لقد كان علماء السعودية على حق وأذكى مني وأكثر معرفة وخبرة بحزب الله»، هكذا قال الشيخ يوسف القرضاوي، بعدما تكشفت له حقائق هذا الحزب الطائفي البغيض، الذي بحث عن سبب ديني ليجيّش أهل الشيعة، ليصطفوا بجانب بشار وشبيحته، ونحمد الله كثيراً، ليعلم السعوديون قبل غيرهم بأن علماءهم لا تحركهم العواطف التي حرّكت بعض العرب حينما صفقوا لسيد المراوغة وحزبه، ظناً منهم أنه «صلاح الدين الحديث» الذي ستتحرر على يديه فلسطين، ليظهر لنا بأن حسن نصر اللات؛ ليس إلا كحافظ الأسد الذي أعلن سقوط القنيطرة قبل سقوطها، وسلّم بشار العهدة، في أن تبقى الجولان خامدة نائمة أبد الآبدين. وهذا ما يجب أن يعرفه العرب، خصوصاً الفلسطينيين الذين خُدعوا في أن هذا الحزب إنما همّه تحرير فلسطين، وأن نظام الأسد هو قائدهم إلى القدس، وما هي إلا أوهام وخداع، فلن تتحرر فلسطين على يد رجل كبشار تلطخت يديه بقتل الأطفال والنساء في سورية، ولن يكون الحزب من ضمن خططه الاستراتيجية تحرير فلسطين وإجلاء اليهود عنها، وزعيمه يضع يده في يد المجوس الصفويين منشغلاً بتحقيق المشروع الفارسي التوسعي بالمنطقة، الذي لا يزال شعارهم «يالثارات الحسين» ينطق بأحقادهم القديمة، ولن تكون فلسطين همّ بشار وشبيحته، وهو من نظام تنازل طواعية عن الجولان والقنيطرة، ونساها 40 عاماً، لتبقى أهدأ حدود إسرائيل، باعتراف الإسرائيليين أنفسهم، ولم يبدر منهم ما يشير إلى السير لتحريرها، مثلما هم الآن يسيرون نحو دك مدن سورية مدينة إثر مدينة فوق أهلها، ولن يكون مرتزقة إيران والعراق وحزب اللات - الذين احتفلوا بسقوط «القصير» من يد الثوار السوريين، في الليلة نفسها التي أعلن فيها حافظ الأسد من قبل سقوط القنيطرة بيد الإسرائيليين قبل أن تسقط وسلمها لهم - إلا أصحاب نزاع وأطماع في بلادنا، وشعاراتهم «لن تسبى زينب مرتين»، «ولن يكسر ضلع فاطمة مرتين»، ليست إلا شعارات طائفية، لا نذيع سراً حين نقول إنها تخفي خلفها مخططات توسعية، يجب أن تجعل أهلنا بالخليج على يقظة دائمة حتى لا نؤخذ على حين غرة... حمى الله بلادنا من كل سوء. محمد بن إبراهيم فايع [email protected]