في ليلة حزينة كئيبة من ليالي مجلس الأمن في نيويورك، وعلى هامش ذكرى أليمة لمجزرة لأهل حماه عام 82، على يد حافظ الأسد، «صوتت» كل من «روسيا والصين» ضد القرار الأوروبي - العربي، لتقضيا بذلك «الفيتو اللعين المزدوج» على كل آمال الشعب السوري، الذي كان يحلم بأنه سيرى النور في نهاية نفق مظلم حالك، وضعهم بداخله نظام بشار الأسد، ثم تفرغ ليذيقهم هو وجيشه وشبيحته، أصنافاً من القتل والتشريد والتعذيب، ويلحق بأماكن العبادة من الاستهداف المباشر بالقنابل والصواريخ والمدافع، وكذلك المنازل التي كانت تدك فوق أهلها، لقد فعل بشار الأسد وجيشه الأفاعيل بشعب سورية، الذي كان ينتظر من الجيش أن يحميه ويحفظ له كرامته، فإذا هو الذي يدوس على كرامته. لقد كان يفترض ببشار أن يوجه جيشه صوب الحدود الجنوبية الغربية مع إسرائيل، باتجاه هضبة الجولان تحديداً، «الجولان» الذي تم التخاذل في الدفاع عنها عام 1967، حتى وقعت أسيرة بيد الإسرائيليين ،ليعقبها بعد ذلك «تسليم القنيطرة»، التي أعلن سقوطها وهي لم تسقط بعد، في موقف مريب سجلته كتب التاريخ وأقلام المؤرخين، لا أن يوجه الجيش لقتل الشعب. من يُلقي قراءة سريعة على ما يحدث اليوم في شوارع دمشق وحلب وحماه وحمص ودرعا وإدلب وريف دمشق والرستن وغيرها من مناطق سورية، سيجد أن هناك ما يقرب من ال 6000 آلاف سوري، خلال الأشهر العشرة الأخيرة، سُفكت دماؤهم، وأن أعداد المصابين بعشرات الآلاف، وأن المهّجرين مع أسرهم بعشرات الآلاف، وأن الشهداء من الأطفال وحدهم من ورود وزهرات سورية زادوا على ال 400 طفل، وأن مشهد محمد الدرة الذي أبكى العالم، بمن فيهم أصحاب القلوب الحجر، تكرر، ولكن ليس على أرض فلسطين، وليس بيد جندي صهيوني، ولكن هذه المرة على أرض سورية ،وبواسطة جندي سوري، مع طفل سوري اسمه «فداء الضياء». لقد كان الفيتو الروسي والصيني المزدوج عاراً وخزياً وفضيحة ومساومة رخيصة، من هذين البلدين، اللذين شعرا بأن ليس لهما أدنى دور في تحرير الشعوب العربية في دول «الربيع العربي»، كما لعبت دول مثل أميركا وفرنسا وألمانيا، وغيرها من دول أوروبا في معاونة الشعوب العربية الثائرة على الطغيان، لحكام استبدوا وظلموا وأنهكوا شعوبهم، لقد كان يوم الخزي والعار لروسيا والصين في مجلس الأمن، عندما وقفتا ضد قرار كان يريد وضع نهاية لأزمة شعب يُذبح من الوريد إلى الوريد، ويُقتل وسط هجمة شرسة وطاغية، وعدوان ليس له مثيل، ولا على مستوى الحروب العربية - الإسرائيلية. إذا كان الإسرائيليون قتلوا من الجنود السوريين في حرب 67 ما يقترب من 1300 جندي سوري، فقد قتل حافظ الأسد في حماة عام 82 ما يزيد على 30 ألفاً من المدنيين خلال 27 يوماً بقيادة رفعت الأسد، وما أشبه الليلة بالبارحة، فها هو التاريخ يعيد نفسه، ليذبح بشار الابن من السوريين 6000 سوري، ولا تزال المشانق تنصب كل ساعة في حرب لا رحمة فيها، فلكم الله يا أهل سورية، وأما العرب فيجب أن يكون لهم موقف شعبياً وحكومياً من موقف دولتي الصين وروسيا ضد القرار الأوروبي - العربي، حتى لا تظنان بأن الدم العربي قابل للمساومة الرخيصة. [email protected]