انتهت أمس الولاية الأصلية لمجلس النواب اللبناني، لتبدأ اليوم فترة التمديد له التي كان أقرها بقانون في 31 أيار (مايو) الماضي بأكثرية 97 نائباً، طعن به رئيس الجمهورية ميشال سليمان وكتلة نواب «التيار الوطني الحر» برئاسة العماد ميشال عون، وتعذر على المجلس الدستوري البت به لفقدان نصاب اجتماعاته. وتزامن ذلك مع تحرك احتجاجي على التمديد من منظمات الحراك المدني وجمعية «ديموقراطية الانتخابات» في محيط مقر المجلس النيابي في الوسط التجاري للعاصمة وكادت تتحول الى صدام بين المتظاهرين وبين القوى الأمنية وحرس المجلس. وسلّم الرئيس سليمان أمس مذكرته بوقائع «الخروق السورية ضد الأراضي اللبنانية من الأطراف كافة المتصارعة في سورية»، الى الأمانة العامة للجامعة العربية عبر ممثلها في بيروت السفير عبدالرحمن الصلح، بعد أن كان سلم نسخة عن المذكرة الى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الصدد، وإذ تسببت مذكرة سليمان بحملة عليه من حلفاء سورية في لبنان خلال اليومين الماضيين، قال وزير الداخلية مروان شربل إن «الرئيس ليس مكسر عصا». وعلى صعيد الهموم الأمنية، شهدت مدينة صيدا هدوءاً تاماً لليوم الثاني بعد الاشتباكات بين مناصري الشيخ السلفي أحمد الأسير وسرايا المقاومة الموالية ل «حزب الله» في المدينة. وتكثفت الاتصالات بين فاعليات المدينة لمعالجة ذيول ما حصل. وبقيت مظاهر التوتر قائمة في منطقة البقاع الشمالي بفعل مقتل مواطنين من آل جعفر وآخر من آل أمهز ورابع تركي الجنسية في منطقة تقع بين منطقة القاع وبلدة عرسال. وأقام مسلحون حاجزاً في بلدة اللبوة لتفتيش السيارات والسؤال عن هويات الركاب، خصوصاً أن القتيلين من آل جعفر من البلدة. وأعاد المسلحون سيارة آتية من عرسال، ومنعوا سيارات إسعاف تحمل جرحى سوريين من العبور. وتدخل الجيش لمنع حصول احتكاكات مع بلدة عرسال. وعلقت قيادة الجيش على صورة نشرت في صحف لبنانية عن مسلحين يعبرون أمام ملالة وجنود من الجيش في صيدا من دون أن يوقفهم عناصر الجيش، وقالت «أنها فتحت تحقيقاً داخلياً في ظروف الصور المتداولة وحيثياتها، وتهيب بوسائل الإعلام أخذ الظروف الأمنية الراهنة في الاعتبار وعدم التشهير بالجيش والتجني على عسكرييه عبر توزيع أخبار وبث صور للعسكريين من دون التحقق من الظروف التي حصلت خلالها». واستدعت دعوات تحريضية في بعض وسائل الإعلام ضد المصالح السعودية والخليجية في لبنان رداً على إجراءات هذه الدول ضد لبنانيين داعمين ل «حزب الله» وفق قرار مجلس التعاون الخليجي بعد مشاركة الحزب في المعارك في سورية، اتصالات رفضت هذه الدعوات بالسفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري. واستنكر رئيس البرلمان نبيه بري هذه الدعوات في اتصال مع السفير السعودي، وأصدر وزير الخارجية عدنان منصور بياناً اعتبر الاستثمارات والأملاك الخليجية في لبنان «أمانة ونحرص عليها كل الحرص». وعلى صعيد التحرك المدني ضد التمديد للبرلمان فقد شاركت فيه جمعيات مدنية ومرشحون للنيابة كانوا اعتبروا أنفسهم فائزين بالتزكية. ولوّح الناشطون بأعلام لبنانية ورفعوا لافتات كتب عليها: «فاشلين ووقحين كمان»، و «ضلك قولا وضلك عيد مش رح نقبل بالتمديد»، و «ارحل ارحل لا للتمديد». وتخلل الاعتصام تشابك وتدافع بالأيدي بين المعتصمين والقوى الأمنية المولجة حماية المجلس لدى محاولات متكررة من جانب بعض المعتصمين للوصول الى ساحة النجمة. ورشق بعضهم عناصر الحرس بالطماطم والعصيّ. وعلَت هتافات تطالب ب «إسقاط النواب» و «رفض التمديد والتجديد والتهويل والتهديد». وافترش المتظاهرون الأرض قاطعين الطريق المؤدي من السراي الكبيرة الى ساحة الشهداء. وعلّق الرئيس سليمان على التحرك الشبابي عبر تويتر بالقول: «أؤيد الحراك الشعبي شرط أن يبقى سلمياً وديموقراطياً»، وقال إن «على القوى الأمنية التصرف بحكمة وهدوء مع المعتصمين». وكشفت مصادر نيابية أنه سيكون للرئيس بري رد مطوّل بعد 3 تموز (يوليو) المقبل يوضح فيه كل الملابسات المتعلقة بالتمديد للبرلمان 17 شهراً، وقالت ل «الحياة» إنه «يفضل الرد في هذا التوقيت بالذات لقطع الطريق على الدخول في سجال حول احتساب مهلة الشهر للنظر من قبل المجلس الدستوري في الطعنين بالقانون». وأوضحت المصادر أن مهلة احتساب الشهر تنتهي في 3 تموز، وبري «سيسمي الأشياء بأسمائها لأن هناك من يحمله مسؤولية التمديد الذي صوّت عليه 97 نائباً يمثلون كل الكتل النيابية باستثناء كتلة «التغيير والإصلاح» أي ما يفوق ثلثي أعضاء البرلمان وهو العدد المطلوب لتعديل أي بند في الدستور اللبناني». ونقل عدد من النواب عن بري قوله: «هل كل هؤلاء النواب وافقوا على التمديد تحت الضغط والترهيب أم بملء إرادتهم، وربما «أهدد» الكتلة النيابية التي أتزعمها لكن قطعاً لا أستطيع تهديد الآخرين، خصوصاً أن الفريق الأكبر من مؤيدي التمديد ينتمي الى قوى 14 آذار». ونقل النواب عن بري أنه يعتزم تحريك عجلة التشريع في البرلمان «وسيدعو هيئة مكتب المجلس ورؤساء ومقرري اللجان الى اجتماع مشترك لإعداد لائحة بمشاريع واقتراحات القوانين التي ستدرج على جدول أعمال الجلسات التشريعية لإقرارها». ولفت النواب الى أن بري «لا يميل الى حرق المراحل بدعوة لجنة التواصل النيابية لمعاودة اجتماعاتها للبحث في قانون انتخاب جديد لأن الأجواء الراهنة غير ملائمة، ولا بد من التحضير مع رؤساء الكتل النيابية للتوافق على بعض العناوين لتسهيل مهمة اللجنة لئلا تصطدم بحائط مسدود».