نجحت وزارة النقل أخيراً في إزالة آخر منزل تأخرت إزالته بسبب رفض مالكه، وذلك للاستمرار في تسهيل طريق ذراع الكوبر الذي يربط مدينة الملك عبدالله الرياضية بشرق شمال جدة في أحياء الحمدانية شمالاً، ولم تكتمل فرحة الأرض بانهدام المبنى حتى انتشلت الأيادي الحديد من بين ركامه، هذا هو الذي حدث لمعظم المساكن المُزالة التي استفادت من رجيعها مصانع الخردة. وتعتبر سوق خردة الحديد الأوفر حظاً والأسرع في عملية البيع، وتختلف أسعاره بحسب سماكة القطعة وتقديم شركات شراء الحديد المعاد تصنيعه عروضاً للباعة على أن البائع لا يتحمل مسؤولية تنظيفه وتقطيعه، ولا يتحمل أجرة الوزن أو التوصيل، ولا يتكلف بإحضار الميزان، ويتعهد التجار بشراء الحديد بالكامل متضمناً غير الصالح للتدوير. ويقول أحمد عبدالغفار مالك مؤسسة لإعادة تدوير السكراب في حديث إلى «الحياة»: « دائماً ما يكون وسط سوق خردة الحديد ما يعرفون بالجواسيس الذين يحاولون معرفة نوعية الخردة المتداولة في السوق والمخزنة، ويذهبون بصفتهم مشترين ولكنهم في الحقيقة يريدون أن يطلعوا على الكميات ونوعها، لذلك نطالب من المشتري للكميات الكبيرة خطاب قدرة مالية مصدقاً من البنك والتزامين ماليين مصدقين من غرفة التجارة قبل الشراء وقبل النظر إلى نوعية السكراب». بدورهم، يعمل آخرون في ما بعد البيع وهم مصانع مصغرة تقوم على تقطيع الحديد المتشابك بأسعار مختلفة، إذ يقول نزيرالرحمان «نحاول أن نقدم أفضل الأسعار لتقطيع الحديد والسكراب، إذ تختلف أسعار القطع بحسب خام الحديد، فهناك النوع الثقيل والنوع الخفيف وسكراب بالأطوال المطلوبة وسعر الطن يصل إلى 120 ريالاً». ويتواصى باعة السكراب على إيجاد طرق عدة للحصول عليه، وعرفه أحد المستخدمين الذين أسهموا في الإجابة حول كلمة «سكراب» من خلال منصة غوغل للأسئلة الإلكترونية، إذ يشير إلى أن السكراب هو المعدن الخردة سواء أكان حديداً أم نحاساً أم حتى صفيحاً، وأن يكون لديك مخزن ورأسمال وأن تقوم بتجميع الخردة سواء من طريق المزادات أم من طريق الإعلانات أم من طريق المتعهدين، ويتم البيع لمصانع الصناعات الهندسية مثل مصانع الثلاجات والبوتاغازات مثلاً، ويمكنك تصدير هذا السكراب بعد فرزه وكبسه بالطن، بينما يقول آخر: «طريقة إيجاد سكراب الحديد تستطيع أن تشتري السيارات المصدومة بأسعار زهيدة وتبيعها مفرقة بأضعاف مضاعف لسعرها الذي اشتريتها به». وبين عمليات البيع والشراء تنشط معركة على رجيع الحديد الناجم عن هدم المساكن شرق جدة، وتدور بين سيدات أفريقيات ذوات بشرة سوداء ورجال من الجنسية البنغالية، في اختلاط مُباح بغية الاستحواذ على كميات أكثر من بقايات الحديد الذي يتم نقله بواسطة عرباتهن الصغيرة حتى تختفي عملية نقل الحديد عن عين الرقيب ويتم تحديد نقطة تجمع لتحميل المحصول الحديدي وبيعه.