توقع مستثمرون في صناعة الحديد أن تساهم الأزمة الطبيعية التي حدثت في جدة إلى زيادة المعروض من حديد الخردة، مؤكدين ان الأضرار المادية التي أتت على الممتلكات وخاصة من السيارات وغيرها من الصناعات التي تحوي مادة الحديد وقد تحولت إلى "سكراب" لا يمكن الاستفادة منها إلا عن طريق تحويلها لصناعات حديدية أخرى عن طريق مصانع الحديد. وأكد تجار الحديد أن شركات الحديد سوف تجد نفسها أمام خيارات واسعة في ظل توفر حديد الخردة، لافتين إلى أن المصانع المحلية هي السبيل الوحيد أمامها لتصريف كميات كبيرة من الحديد. ويأتي قرار منع تصدير "السكراب" إلى الأسواق الخارجية لصالح مصانع الحديد، مؤكدين أن هناك كميات كبيرة سيتم الاحتفاظ بها لسد حاجة السوق لفترة طويلة مقبلة. وحسب تجار الحديد فإن أسعار بيع حديد "السكراب" لن تفيد المستهلك بشي، إذ ان أسعار الحديد المصنع تخضع لمعايير عالمية، بعكس حديد الخردة الذي سيكون خاضعاً للعرض والطلب. ورغم قساوة الأحداث في جدة إلا أنها تصب في صالح شركات ومصانع الحديد التي كانت تعاني من محدودية المعروض من الحديد الخردة، حيث لوح تجار الخردة في وقت سابق برفع الأسعار بنحو 20% لكن هذه الأزمة ستجبرهم على البيع بأسعار متدنية حتى يتمكنوا من تصريف ما لديهم من "سكراب" وشراء كميات أخرى. وتشير التوقعات أن هبوط أسعار بيع الحديد لأكثر من 50% خلال الفترة المقبلة ما يحقق لمصانع الحديد هامشاً ربحياً كبيراً مقابل مصاريف انخفضت لنحو 50% عما كانت عليه. ونبه خبراء في تجارة الخردة من انتشار سرقات السيارات التي تعج بها شوارع جدة وتحويلها إلى "سكراب" وسط فوضى تشهدها الشوارع، مطالبين الجهات المعنية ضرورة تشديد الرقابة على تحركات العمالة التي ستعمل على تقطيع السيارات وتحويلها إلى "كومة حديد" مع إخفاء المعلومات الدالة عليها. من جهة أوضح صالح سعيد العمودي "تاجر خردة" أن حجم سوق الخردة محلياً يقدر بنحو 1.8 مليون طن سنوياً، مشيراً إلى أن الفيضانات الأخيرة سوف تخلف الكثير من حديد "السكراب" سواء كانت سيارات أو غيرها من المواد المكونة من الحديد. ومضى: ان الخردة تدعم صناعات محلية كثيرة لا يمكن للدولة التهاون بها، مطالباً "التجارة" باتخاذ خطوات مشددة لتجنيب المصانع المحلية مخاطر تجفيف السوق من "السكراب" خصوصاً ان هناك تحركات سرية تستهدف الأحجام عن البيع للمصانع المحلية للبيع بسعر مرتفع في حال سمح للخردة بالتصدير. وتخوف العمودي من عودة العمالة لاستغلال الأزمة وانشغال الجميع بالفيضانات والآثار التي ترتبت عليها لتعود العمالة من جديد لجمع الحديد وسط وجود كميات كبيرة في الشوارع، مشيراً إلى أن لديهم أماكن خاصة يخفون بها الكميات المسروقة ليتم بيعه عبر صفقات داخلية أو خارجية. ورغم توفر حديد الخردة خلال الفترة المقبلة، إلا أنه حذر من عودة تصديره للخارج، مشيراً إلى أن ذلك سيعيدنا لمشكلات كثيرة قد تجاوزنا جزءاً كبيراً منها وهي سيطرة العمالة على الخردة وتصديرهم كميات كبيرة لدولهم. وطالب بزيادة تشديد الإجراءات التي تحول دون تصدير الخردة للخارج للمحافظة على استقرار السوق المحلي للحديد، خصوصاً ان المصانع تستعد للتصدير وتحتاج إلى كميات من المواد الخام التي تحقق الاكتفاء الذاتي للمصانع وتغنيها عن الاستيراد ولو بكميات محددة. وبين ان منع تصدير الخردة سوف يدفع مصانع الحديد إلى تقليل تكاليف الإنتاج الأمر الذي يؤدي إلى بيع الحديد بسعر يناسب المستهلك، مشيراً إلى أن ذلك يضمن لمصانع الحديد تحقيق شروط وزارة التجارة التي ربطت استئناف التصدير بالسعر المناسب. وقال العمودي إن منع التصدير خلال الفترة الماضية ساهم في استقرار الأسعار وحمايتها من التذبذبات، مرجعاً ذلك إلى وجود الخردة التي تعتبر الملاذ الآمن أمام المصانع المحلية الذي يقيها تقلبات الأسعار الخارجية، خاصة في الوقت الذي كانت فيه المصانع تعمل بطاقتها الإنتاجية. وأشار إلى ان سوق الخردة قد تغير عن السابق بشكل كبير وأصبح أكثر تنظيماً كون تجار حديد الخردة معروفين ولا يمكن لهم الشراء إلا من أشخاص يعرفونهم وهذا حد من السرقة بشكل ملحوظ وحدد من ممارسات العمالة التي تتم تحت جنح الظلام.