في باحة فندق عشتار الأمامية وعند منتصف الركن المؤدي إلى المصاعد يقف تمثال الآلهة عشتار وهي تمد يدها بدلال لترحب بضيوفها القادمين من مختلف بقاع الأرض. عمر هذا التمثال من عمر الفندق الذي حمَل اسمها، إذ تم تشييده عام 1982 على شكل نافورة جميلة وهو موجود في المكان ذاته منذ أكثر من ثلاثين عاماً واستقبل مئات الآلاف من الزوار. تمثال عشتار اليوم معرّض للتهديد وقد يتم رفعه في أية لحظة بعدما وقّعت مجموعة «كريستال غروب» الرائدة بدور الضيافة الفخمة في الشرق الأوسط، عقداً لإعادة افتتاح الفندق الذي يعد احد معالم بغداد وقامت بتغيير اسمه إلى فندق كريستال. يمتاز فندق عشتار بالطابع المعماري الذي يمزج بين الحداثة والتاريخ وهو من أشهر فنادق بغداد حيث تُقام فيه المؤتمرات والمناسبات الدولية وفيه تم عقد القمة العربية التي أُقيمت في بغداد. أما العراقيون فتربطهم بعشتار الآلهة علاقة أزلية إذ تحمل الكثير من الفتيات في العراق اسم عشتار، لا سيما أولئك اللواتي ولدن لعائلات تهوى التاريخ. كانت عشتار آلهة الحب والحرب لدى الآشوريين، وكان لها معبدان، الأول في نينوى باعتبارها آلهة الحب، والثاني في أربا إيلو أي مدينة أربيل الحالية باعتبارها آلهة الحكمة والحرب. وكان معظم القادة والملوك الآشوريين يزورونها في معبدها في قلعة أربيل قبل توجههم في حملات جديدة أو تقرير أمر مهم يخص مصير الامبراطورية ليأخذوا منها النصح والموافقة، وكذلك لتتنبأ لهم بما يخبئه المستقبل. وبرزت عبادتها في عهد ابنها الإله مردوخ منذ زمن حمورابي، فقد كانت «سيدة السماء» و «سيدة النبوءة» في بابل وجاء في الأساطير القديمة أن عشتار قالت «بكل اكتمالي أتجلى وأعطي النبوءات للبشر». وفي ما بعد ووفقاً للأساطير أيضاً تزوجت الآلهة عشتار من الإله تموز زواجاً اعقبه قتل تموز فحزنت عليه حتى بلغت حداً أبت بعده إلا النزول إلى عالم الموتى لترى تموز هناك، فساءت الأحوال على الأرض وتوقفت وانقطع النسل، فأرسلت السماء أمراً إلى العالم السفلي بإخلاء سبيل عشتار. عادت عشتار إلى الأرض ومعها عاد تموز حياً، وكانت هذه القصة محوراً أساسياً في الدين البابلي لفترة طويلة، وكانت عشتار واحدة من الآلهة الرئيسة المعبودة في عهد الدولة الكلدانية الحديثة، حيث سُمّيت إحدى أهم بوابات مدينة بابل باسمها، ومن هذه البوابة كانت تدخل مواكب المحتفلين بعيد رأس السنة. تمثال آلهة العراقيين القديمة الذي يتوسط باحة فندق عشتار والذي تحول اسمه اليوم إلى كريستال مهدد هو الآخر بالعودة إلى العالم السفلي مثلما حكت الاسطورة لكنها ستأخذ معها تاريخاً حافلاً بالملاحم والاساطير والأحداث هذه المرة ولن تعود يوماً إلى الأرض من جديد.