في تفاعل مع الجماهيرية والاهتمام الذي تتمتع به الليبرالية من شتى التيارات والأطراف في الوطن العربي وفي الخليج خصوصاً، سعت دار «جداول» إلى أن تبنى شيئاً من الكتابات التي تتناول الظاهرة الليبرالية أو الاتجاه الليبرالي الفكري بقراءة قد لا تخلو من الانبهار والافتتان، وإن جنحت في ما يبدو منها للوهلة الأولى إلى التناول النقدي، يقدمها أستاذ الفلسفة التونسي منوبي غباش في كتاب جديد بعنوان: «الليبرالية... مشارب متعددة». ويرى الناشر في تقدمته للكتاب أن الليبرالية لها جاذبية وسحر خاص بالنظر إلى ارتباطها وتماهيها أحياناً مع الحرية، ولكن جاذبية الأفكار أو سحر النظريات لا يحولان دون ممارسة الفكر لوظيفته الأساسية، أي النقد. ويؤكد الناشر أن المفهوم الأساسي في الحداثة الفكرية والسياسية هو مفهوم الحرية، وأن حرية الوعي والتفكير ارتبطت لدى مفكري العصور الحديثة منذ فرنسيس بيكون وجون لوك حتى ماركس وبنجامين كونستون بالحرية السياسية، لهذا يجوز اعتبار الليبرالية العنوان الأول للحداثة سواء في بعدها الفكري أم في بعدها السياسي. إلى ذلك، فإن الحداثة ليبرالية سواء من جهة النظرية أم من جهة الممارسة: تحرير الإنسان من الحاجة إزاء الطبيعة (وذلك من خلال معرفة الطبيعة والسيطرة عليها وامتلاكها) وتحريره من الخرافة والجهل (من خلال اعتبار العقل مصدر المعرفة والعقلانية الرؤية الوحيدة المقبولة للعالم بحكم مصدرها ذاك)، وكذلك تحريره من الاستبداد عبر تأسيس الدولة المدنية، وتحديد شروط الاجتماع السياسي وأهدافه من منظور عقلاني نفعي. وعليه، يرى الكاتب أن الحرية هي إذاً جوهر الحداثة الفكرية والسياسية، وبالنظر إلى هذه المكانة التي للحرية في مستوى النظرية وفي مستوى الممارسة يمكن القول من دون مبالغة إن الحداثة ليبرالية.