توصل القطبان الكرديان السوريان الى اتفاق لتقاسم السلطة وتنحية خلافاتها جانباً للإفادة من الدعم الدولي - العربي المتزايد في المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في عين العرب (كوباني) الكردية. وقال رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الذي رعى الاتفاق، إن التسوية بين «المجلس الوطني السوري» و «حركة المجتمع الديموقراطي» الكردي «مهمة وتاريخية»، مشيراً إلى أن «النصر في كوباني هو نصر لكل ابناء الشعب الكردي». وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» افاد بأن الاتفاق بين الطرفين الكرديين نص على تشكيل هيئة كردية عليا في سورية تشرف على إدارة المناطق التي يقطنها غالبية من المواطنين الكرد، في محافظتي حلب شمال سورية والحسكة في شمال شرقي البلاد بنسبة 40 في المئة لكل من «حركة المجتمع الديموقراطي» التي تضم «حزب الاتحاد الديموقراطي» و40 في المئة ل «المجلس الوطني الكردي» الذي يضم أحزاباً كردية عدة، و20 في المئة للمستقلين بحيث «تشرف هذه الهيئات في وقت لاحق على إجراء انتخابات ديموقراطية للمجالس المحلية، وتشكيل قوة عسكرية مقاتلة مشتركة في هذه المناطق، مع بقاء وحدات حماية الشعب الكردي كقوات نخبة». وجرى التوصل للاتفاق في وقت متأخر من مساء الأربعاء، بعد محادثات استمرت تسعة أيام وتزامنت مع قرار من إقليم كردستان العراقي بإرسال قوات البيشمركة التابعة له لمساعدة الأكراد في عين العرب. وتشكل عملية نشر البيشمركة المزمعة أول تدخل عسكري للإقليم الذي يتمتع بحكم شبه مستقل في حرب سورية. كما تأتي ضمن تزايد الدعم للأكراد الذين تساعدهم الولاياتالمتحدة بعمليات إسقاط جوي لمساعدات وضربات عسكرية. واستغل الأكراد الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في سورية لرسم معالم منطقة نفوذهم في شمال البلاد لكن مساعيهم شابتها المنافسات الداخلية. وفي أوائل هذا العام أعلن «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» المهيمن الحكم الذاتي في ثلاث «مناطق» أسسها في شمال سورية، لكن أحزاباً كردية أخرى رفضت هذه الخطوة. ويضع الاتفاق الذي وقّع في إقليم كردستان العراقي عملية صناعة القرار في أيدي هيئة جديدة كل الأحزاب ممثلة فيها. كما سعى الاتفاق إلى التطرق إلى واحدة من نقاط الخلاف الرئيسة بين الأحزاب وهي إصرار «حزب الاتحاد الديموقراطي» على عدم وجود أي قوة مسلحة أخرى غير «وحدات الحماية الشعبية» التابعة له على الأرض. وسيتم تطوير الإدارة الحالية التي أسسها «حزب الاتحاد الديموقراطي» وستجرى انتخابات في نهاية المطاف لاختيار برلمان كردي سوري لكن لم يتحدد جدول زمني لذلك بعد. وقال كاميران حجو عضو «المجلس الوطني الكردي» إن الأكراد يشعرون أن الرأي العام الدولي في صفهم وأن الاتفاق سيساعدهم على الفوز بمقدار اكبر من الشرعية على الساحة الدولية. وتبدي بعض الدول تردداً إزاء مساعدة أكراد سورية بسبب صلات «حزب الاتحاد الديموقراطي» ب «حزب العمال الكردستاني» الذي تصنّفه الولاياتالمتحدة وأوروبا وتركيا منظمةً إرهابية. وخاض الحزب صراعاً على مدى ثلاثة عقود ضد تركيا. وقال حجو: «الاتفاق مهم للغاية. سيكون له تأثير إيجابي في الأرض في سورية». وهذا هو ثالث اتفاق من نوعه. وسبق أن انهار اتفاقان لتوحيد صف أكراد سورية عندما اتهمت أحزاب أخرى «حزب الاتحاد الديموقراطي» باحتكار السلطة والتواطؤ مع الرئيس بشار الأسد. وتصطف الأحزاب المنافسة ل «حزب الاتحاد الديموقراطي» تحت مظلة «المجلس الوطني الكردي» الذي يرعاه بارزاني.