يقول الشاعر: «إنّ الشبابَ والفراغَ والجِدة.. مفسدةٌ للمرءِ أيّ مفسدة»، وواقعنا الحالي في كرة القدم تحديداً، يقول: «والغنى الفاحش بعد الفقر المدقع مع غياب الوازع الديني فتح باباً للفساد يصعب إغلاقه»، وهو وضع تعاني منه الأندية كافة، وهي شريكة فيه بنسب متفاوتة، فبعد أن كان الموضوع مفاخرة وتباهٍ بتوقيع العقد الأغلى، ها هي تدفع ثمن الأرقام، ويتواصل صعوداً إلى الأعلى، تدفعه مكرهة، خشية أن يطير من يدها هذا أو ذاك، فيُوصم بإدارة فاشلة لم تستطع المحافظة على نجوم الفريق، وبعد أن تُبرم العقود، وتُودع المبالغ المهولة في حسابات من كان يُعاني شظف العيش والمستوى الاقتصادي والتعليمي المتدني، وتبدأ معاناتها من جانب آخر، وهو ضبط سلوكيات هذا المراهق التي بدت تسبب حرجاً لناديه، وهي سلوكيات حتمية لجريان المال في أيدٍ من عدم منه بلا توجيه وضبط! فهل يعقل أن طلاباً في الثانوية يبذرون مكافأة الفوز في دولة خليجية بلا حسيب أو رقيب؟ وهل ما نشاهده من قصات شعر وملابس وإكسسوارت لا تمتّّ للشاب السعودي المسلم بصلة بل هي أقرب للشاذين وعبدة الشيطان مع ما يصاحبها من ارتياد أماكن غير لائقة ومناظر مخجلة من باب الحرية الشخصية؟ ولأن نافخ الكير إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، فإن أصدقاء السوء قد دفعوا الكثير من اللاعبين لتعاطي الممنوعات، وكانوا سبباً في ضياع مستقبل بعضهم، وتبدد ما جمعوه من الكرة، فمنهم من تم التستر عليه كثيراً، لكنه ظل في غيه حتى انتهى، وآخرون فضحهم كشف المنشطات، وما زالت الأيام في هذا الجانب حبلى بالمفاجآت، ويقيني أن «لجنة الرقابة على المنشطات» إذا فعلت دورها بلا خوف من أحد، وعملت بلا ضغوط من أية جهة، ولم تقبل الاستثناءات في الموسم المقبل، فإن قائمتها ستطول، وسينتهي الكثير من النجوم الشبان الذين بدت للجماهير بعض من سلوكياتهم غير المتزنة، التي ظهرت مع كثرة الإصابات التي لا علاقة لها بالكرة أو الغياب غير المبرر، وأخيراً مستوياتهم المتفاوتة من مباراة إلى أخرى، وهي ما تكشف عن ما وراء الأكمة، وباستطاعة المشجع العادي الذي لا يعلم ما يدور في الأندية أن يعدد هؤلاء اللاعبين فرداً فرداً، وغالباً عندما يقوم النادي بمخالصة بعضهم، فذلك يعني أشياء كثيرة، قد لا يكون من ضمنها العقد وتوابعه، لأنه من البديهي ألا يفرط في لاعب منضبط، ويسقطه من الكشوفات، ومن تكون بوادره غير مشجعة، تُسارع للتخلص منه، وتثبت الأحداث بعد نظرها في ذلك. الوضع خطر جداً، ومن يعمل في الأندية لديه الكثير من أسرار يفضّل المسؤولون الصمت عنها! فماذا فعلت الأندية لحماية أبنائها، وتوعيتهم؟ وما دور اللاعبين القدامى المعروفين بالانضباط في التوجيه والدعاة الذين تفرغوا ل«تويتر» وزيادة المتابعين؟ ماذا قدموا للمجتمع الرياضي أم أن دورهم اقتصر على تفسير الأحلام في مباريات الحسم؟ الكرة السعودية في حاجة إلى منقذ في هذا الجانب، فمن يعلّق الجرس؟ ويبدأ حملة تصحيح أساسها «الانضباط أساس النجومية». [email protected] Qmonira@