استمرت المعارك العنيفة في مدينة عين العرب، أمس، وسط ضربات جوية ضخمة نفذتها طائرات التحالف ضد مواقع «الدولة الإسلامية» في هذه المدينة الكردية السورية. وجاءت المعارك التي لم يُسجّل فيها تقدم ميداني بارز لأي من الطرفين المتقاتلين، في وقت منح برلمان كردستان العراق إذناً لرئيس الإقليم مسعود بارزاني لإرسال قوات «البيشمركة» للمشاركة في الدفاع عن المدينة المحاصرة، وفي ظل تقارير عن اتفاق لافت على تشكيل «مرجعية سياسية موحدة» في الإدارة الكردية داخل سورية تضم مؤيدين لبارزاني وآخرين محسوبين على حزب العمال الكردستاني. (للمزيد) وفي موقف يعكس، كما يبدو، استياء أنقرة من عملية إنزال طائرات أميركية مساعدات وأعتدة عسكرية للأكراد المحاصرين في عين العرب، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس إن هذه الأسلحة وقعت بأيدي حزب الاتحاد الديموقراطي السوري الكردي وتنظيم «الدولة الإسلامية». ونقلت عنه وكالة «فرانس برس» قوله في أنقرة: «أصبح من الواضح أن هذا خطأ». وكانت حكومة أردوغان أعلنت مطلع الأسبوع موافقتها على عبور قوات «البيشمركة» الأراضي التركية من العراق إلى سورية للمساعدة في الدفاع عن كوباني، لكنها عادت بعد يوم لتقول إن هذا الأمر ما زال محور بحث. ويأتي ذلك في وقت خوّل البرلمان الكردي رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني استصدار قرار لإرسال قوات من «البيشمركة» لدعم «قوات حماية الشعب» الكردية في عين العرب. وعقد البرلمان الكردي أمس جلسة بحضور وزير «البيشمركة» مصطفى سيد قادر، بناء على طلب من بارزاني. وأكد الوزير في الجلسة أن «القرار جاء بعد اتفاق مع الأطراف في التحالف وتركيا وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري»، مشيراً إلى أن «مهمات البيشمركة ستكون تقديم الإسناد، وهي ليست تابعة لحزب محدد بل تمثل الإقليم بشكل رسمي». وأثارت عملية إسقاط طائرات أميركية أسلحة مرسلة من إقليم كردستان إلى المدافعين عن كوباني، خلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، إثر إعلان «الاتحاد الوطني» (حزب الرئيس السابق جلال طالباني) أن «المساعدات المرسلة إلى عين العرب هي من ترسانة الحزب، وتُقدر بنحو 24 طناً». وقالت رئاسة الإقليم في رد على مواقف لحزب طالباني، إنها «تأسف لموقف حزب الاتحاد الوطني الذي ابتعد من الحقائق، ونؤكد أن المساعدات أرسلت باسم شعب الإقليم وحكومته». في غضون ذلك، عقدت القوى الكردية السورية المقربة من بارزاني أو الموالية لحزب «العمال»، اجتماعات في محافظة دهوك لإنهاء الخلافات والاتفاق على إدارة مشتركة في المناطق الكردية السورية. وذكرت وسائل إعلام كردية أن هذه القوى «توصلت إلى اتفاق لتشكيل مرجعية سياسية موحدة»، وأشارت إلى أن «المجلس المشترك سيتألف من 30 عضواً، يضم 12 من حركة المجتمع الديموقراطي» (الموالي لحزب العمال) و12 آخرين من المجلس الوطني (الموالي لبارزاني)، على أن يُختار الأعضاء الستة باتفاق الطرفين في المجلس». في نيويورك، أجمعت مصادر ديبلوماسية أوروبية في مجلس الأمن على أن «المستجدات المتعلقة بتنظيم الدولة الإسلامية- داعش تفرض الآن أكثر من أي وقت مضى إعادة إطلاق العملية السياسية في سورية، وهو ما سيبحثه نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون في زيارة الى إيران، ودولة خليجية، الأسبوع المقبل، بعد زيارة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى طهران والمنطقة». وسيعود دي ميستورا إلى نيويورك الأسبوع المقبل على أن «يقدم إحاطة هي الأولى له أمام مجلس الأمن في 30 الشهر الحالي في جلسة علنية تتبعها مشاورات مغلقة»، وفق مصادر المجلس. وقدم ديبلوماسي أوروبي طلب عدم الإفصاح عن اسمه تقويماً للموقف الإيراني معتبراً إن «إيران مستعدة للتخلي عن (الرئيس بشار) الأسد، وثمة توتر داخلي في الطائفة العلوية في سورية» وهو ما «يعطي مساحة للبحث في الحل السياسي». وأوضح المصدر نفسه أن «لإيران نفوذاً في سورية أكثر مما لروسيا الآن، لكن روسيا استثمرت في الأسد أكثر مما فعلت إيران، وهذا الأمر نوقش مع الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال لقاءاته في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، وهو لم يعلن استعداد إيران التخلي عن الأسد، ولكن هناك مساحة لبحث ذلك معهم». وشدد على أن «أولوية إيران ومصلحتها الآن تتمثلان في التخلص من داعش، وهي مصلحة مشتركة بين إيران والدول الغربية ونحن وإن لم نكن ننسق معهم مباشرة في قتال داعش إلا أن الإيرانيين يشاركوننا التوجه نفسه». وقال مصدر آخر إن إلياسون «سيبحث في طهران الملف السوري وأولوية مواجهة خطر داعش في المنطقة، والحاجة ملحة الآن لمعرفة الموقف الإيراني من إمكانية إعادة إطلاق العملية السياسية في سورية والتحرك قدماً نحو المفاوضات الجدية». وأضاف أن «السعودية لا تزال تعترض على انخراط إيران في مشاورات الحل السياسي في سورية، لكن هناك اعترافاً أكبر بين الدول الغربية بضرورة مشاركة إيران في أي حل، وهو موقف يؤكد عليه أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون». وقال إن «التوقعات الآن أن دي ميستورا سيقدم حصيلة جولته في سورية والمنطقة، وسيوضح لمجلس الأمن تصوره حول كيفية إعادة إطلاق العملية السياسية وهو يعلم أن مسار جنيف كان أقر مرجعية في قرارات مجلس الأمن ونريده أن يبني على ذلك».