كشفت الاستخبارات القومية الأميركية أمس، جوانب أساسية في برنامج سري للمراقبة، في خطوة نادرة سعت إلى تهدئة غضب شعبي أثاره الكشف عن جمع معلومات وبيانات لأميركيين، هدفه مكافحة الإرهاب. وحذر مدير الاستخبارات القومية الأميركية جيمس كلابر من تهديد الأمن القومي للولايات المتحدة، بسبب تسريب معلومات حول برامج تنصت سرية، شدد على قانونيتها، بعد معلومات صحافية عن إمكان دخول وكالة الأمن القومي الأميركي ومكتب التحقيقات الفيديرالي (إف بي آي) خوادم 9 شركات ضخمة للإنترنت في الولاياتالمتحدة، لمراقبة نشاطات الأجانب عليها. لكن تلك الشركات أكدت أنها لا تتيح «وصولاً مباشراً» إلى خوادمها لأي جهاز حكومي. وأوردت صحيفتا «واشنطن بوست» و «ذي غادريان» البريطانية أن موظفاً سابقاً في الاستخبارات الأميركية زودهما وثائق تفيد بأن لوكالة الأمن القومي الأميركية و «إف بي آي» «وصولاً مباشراً إلى الخوادم المركزية لتسع شركات أميركية رئيسة للإنترنت»، من خلال برنامج سري جداً معروف باسم «بريزم» مُعتمد منذ عام 2007، يتيح من خلال بوابة تصفّح معلومات حول مستخدمين تفترض «منطقياً» وفق عناصر، بأنهم خارج الولاياتالمتحدة وبالتالي لا تحتاج إذناً قضائياً للتجسس عليهم. ويتيح البرنامج تعقّب تحركات هؤلاء، من خلال الصوت والصورة والصور والفيديو والرسائل الإلكترونية والوثائق وسجلات الاتصال، في معظم شركات الإنترنت الرئيسة، وهي «مايكروسوفت» و «ياهو» و «غوغل» و «فايسبوك» و «بالتوك» و «أي أو إل» و «سكايب» و «يوتيوب» و «آبل». وأشارت الصحيفتان إلى أن الموظف السابق في الاستخبارات الأميركية «عمل مباشرة على هذه البرامج، ويعلم مدى قدراتها المخيفة»، ونقلتا عنه أن هذه البرامج «يمكنها تتبّع أفكار الشخص وهو يطبع الكلمات على الشاشة أمامه». وأضاف: «يتطلب الأمر تدابير مكلفة توافق عليها المحكمة، لضمان أن وحدهم الأجانب المقيمين خارج الولاياتالمتحدة، من يشملهم التجسس، وللحدّ من أية معلومات يمكن جمعها أو الاحتفاظ بها أو نشرها خطأً، حول مواطنين أميركيين». لكن تلك الشركات نفت تعاونها مع الاستخبارات الأميركية، إذ قال ناطق باسم «آبل»: «لم نسمع ببرنامج بريزم أبداً، ولا نتيح لأية وكالة حكومية إمكان الوصول المباشر إلى خوادمنا، وعلى أي هيئة مشابهة تبحث عن بيانات عن أحد المستخدمين، أن تستصدر أمراً قضائياً». وشددت «غوغل» على أنها لم تتح أبداً أي دخول لبيانات المستخدم، فيما لفتت «مايكروسوفت» إلى أنها تتقيد فقط ب «أوامر لطلبات في شأن حسابات أو بيانات هوية محددة». أما «فايسبوك» فأعلنت أنها «لا تقدم لأي مؤسسة حكومية، إمكان الوصول المباشر» إلى خوادمها، مشددة على التزامها القانون في هذا الصدد. كلابر وأشار كلابر إلى أن المعلومات التي تُجمع بموجب هذا البرنامج، «من أكثر المعلومات التي يمكن جمعها في الخارج أهمية»، محذراً من أن «كشف معلومات غير مرخص له، حول هذا البرنامج المهم والقانوني، ليس مقبولاً وقد يهدد أمن الأميركيين». وشدد على أن البرنامج يجيز فقط استهداف «أشخاص غير أميركيين» خارج الولاياتالمتحدة، لافتاً إلى أن تقريرَي «واشنطن بوست» و «ذي غارديان» يحويان «أخطاء». وتطرق إلى تقرير نشرته «ذي غارديان» يفيد بأمر قضائي سري يرغم شركة «فيريزون» للاتصالات، فتح قاعدة بياناتها، معتبراً أنه «مضلل». وشدد ناطق باسم البيت الأبيض على أن الأمر القضائي «لا يتيح للحكومة التنصت على المكالمات الهاتفية لأحد»، مذكراً بأن «الأولوية الأهم بالنسبة إلى الرئيس (باراك أوباما) هي الأمن القومي للبلاد، وعلينا أن نتأكد من حصولنا على الوسائل التي نحتاجها، لمواجهة أية تهديدات يطرحها إرهابيون». لكن «اتحاد الحريات المدنية الأميركية» حض مؤيديه على «المشاركة في تحرك عام ضد البرنامج» الذي بدأ تطبيقه خلال عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش، في إطار مكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. واعتبر الاتحاد أن ما يحدث «يتخطى ما تحدث عنه» جورج أورويل، في روايته «1984» التي أشارت إلى سيطرة «الأخ الأكبر» على حياة المواطنين.