عاد شبح تجمعات مياه الصرف الصحي على سطح الأرض والمعروفة ب«بحيرة المسك» لدى سكان جدة مرة أخرى في «حي الخمرة» جنوب المحافظة، بعد أن احتفلوا فرحاً بتجفيفها و«طمس» معالمها قبل ثلاثة أعوام في 2010 بقرار من المقام السامي في ذلك الوقت، بعد تزايد الخوف والقلق من انهيارها وانتشارها في أرجاء المحافظة كافة أثناء حادثة السيول، والتي بلغت مستويات قياسية شكلت خطراً على سكان شرق جدة. ورغم تطمينات شركة المياه الوطنية وأمانة جدة بحل مشكلة شبكة تمديدات الصرف الصحي في أحياء جدة كافة، إلا أن سكان حي «الخمرة» يعانون من تجمع المياه وتوسع نطاقها داخل الحي، مؤكدين بأنها مياه ملوثة بالصرف الصحي. وطالب سكان الحي من الجهات المعنية المتمثلة في شركة المياه الوطنية، أمانة جدة، والمجلس البلدي بالوقوف على مخاطر هذه البحيرة التي أصبحت تشكل «هاجساً» لديهم، إذ تصل إلى منازلهم، إضافة إلى أنها سببت تجمعاً للحشرات والأوبئة التي تتهدد صحتهم. ويؤكد أحد سكان الحي المعلم علي الجدعاني ل«الحياة» أن هذه المياه هي تجمعات للصرف الصحي، وهي على مرأى ومسمع من شركة المياه الوطنية التي أفادتهم بعد شكواهم بأنها مياه جوفية، مضيفاً: «تعددت مطالبات أهالي الحي الذين يعانون من نقص الخدمات، انعدام شبكة مياه الصرف الصحي، الإنارة، وكثرة الحشرات والبعوض التي تسبب أمراضاً وأوبئة للسكان». ويشير إلى أن عدداً من السكان اجتمعوا مع المجلس البلدي أخيراً، وقدّموا تقريراً عن هذه البحيرة يتضمن تحليلاً عن تلوثها بمياه الصرف الصحي. ويوضح موسى الزهراني ل«الحياة» وهو من سكان الخمرة أن عدداً من صهاريج المياه التي تحوي مياه صرف صحي تأتي إلى هذه البحيرة وتصب فيها حمولتها، مبيناً أنه بادر بمنع أحد سائقي الصهاريج من صب المياه فيها. وقال: «تم نشر مقاطع فيديو عدة للبحيرة على موقع (يوتيوب) لنقل معاناتنا للمسؤول وإيجاد الحل الجذري لهذه الأزمة، ولابد من تدخل جمعية حقوق الإنسان للوقوف على هذه البحيرة التي نخشى أن يتفاقم وضعها خلال الأيام المقبلة، خصوصاً وأنها تسربت إلى مقبرة الأموات في الحي». من جهته، نفى المتحدث الرسمي في أمانة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري ل«الحياة» أن تكون مشاريع الصرف الصحي والمياه الجوفية من اختصاص الأمانة، مشيراً إلى أن شركة المياه الوطنية تتحمل المسؤولية كافة حيال هذه الأزمة الخاصة بسكان حي الخمرة. وأضاف: «أمانة جدة ليس لها في ما طالب به سكان حي الخمرة من ناقة أو جمل، فالأمانة تتعلق مسؤوليتها مباشرة عن الخدمات الأخرى من نظافة الحي وسفلتة للشوارع بعد الانتهاء من مشاريع شركة المياه الوطنية». بدوره، أفاد مدير وحدة المياه في شركة المياه الوطنية بجدة المهندس عبدالله العساف ل«الحياة» بأن شركة المياه شكلت لجنة من الجهات المختصة كافة للوقوف على وجود هذه البحيرة وتجفيفها قريباً. وأشار إلى أن الشركة عالجت مشكلة بحيرة «المسك» سابقاً في شرق جدة بتشغيل محطة معالجة لتبخير مياهها ومعالجة الرواسب الآسنة فيها وتسوية أرضها، إضافة إلى تمديد خط نقل بقطر 600 مليمتراً من موقع البحيرة إلى محطة المعالجة المسماة ب«المطار1» ومعالجتها ثلاثياً للاستفادة منها في ري الحدائق والتشجير.