اتسمت الحكومة الفلسطينية الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء المكلف رامي الحمدالله وأدت اليمين القانونية أمام الرئيس محمود عباس أمس، بالطابع التكنوقراطي، كما خلت من ممثلي الفصائل والأحزاب السياسية، باستثناء ثلاثة وزراء من الحكومة السابقة ينتمون الى حركة «فتح» حافظوا على حقائبهم، ووزير رابع من تنظيم صغير هو «جبهة النضال الشعبي». وضمت الحكومة المؤلفة من 24 وزيراً، ثماني وزراء جدد، أبرزهم نائبا رئيس الوزراء الدكتور زياد أبو عمرو، وهو شخصية مستقلة مقربة من الرئيس محمود عباس ونائب في البرلمان ووزير خارجية سابق، والدكتور محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار، وهو أيضاً مقرب من الرئيس الفلسطيني، وكان تولى منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية. وتولى شكري بشارة المدير الإقليمي السابق للبنك العربي في الأراضي الفلسطينية منصب وزير المال، فيما تولى عدد من الوزراء الجدد حقائب الصحة والمواصلات والحكم المحلي والثقافة والشؤون الاجتماعية والأمانة العامة. وامتنعت الفصائل المختلفة، مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و»الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» و»حزب الشعب» و»حزب فدا» و»حركة المبادرة الوطنية»، عن المشاركة في الحكومة الجديدة. لكن الأمين العام ل «جبهة النضال الشعبي» الدكتور احمد مجدلاني بقي في منصبة وزيراً للعمل. وعزت الفصائل عزوفها عن المشاركة في الحكومة الى تراجع الحريات، او عدم اتفاقها مع موازنة الحكومة، او عدم وجود مرجعية رقابية لها في ظل تعطل المجلس التشريعي. واعتبر مراقبون تشكيلة الحكومة مؤشراً الى تنامي قوة الرئيس عباس في المؤسسة الرسمية، اذ ان رئيس الوزراء ونائبيه والوزراء هم من المقربين للرئيس او الموالين له. وتواجه الحكومة تحديات كبيرة، أهمها الأزمة المالية والاقتصادية، فهي تحل محل حكومة تعاني من عجز في موازنتها بنسبة 40 في المئة، وستتولى ادارة خدمات حكومية ضعيفة نتيجة ضعف الموازنات المقرة لها، خصوصاً للتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية. وتواجه الحكومة مشكلات اقتصادية واجتماعية مستعصية مثل ارتفاع معدلات البطالة الى 23 في المئة وضعف الاستثمار. ويقول خبراء الاقتصاد ان الحكومة غير قادرة على عمل الكثير لمواجهة المشكلات المالية والاقتصادية. وقال استاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت الدكتور نصر عبد الكريم ل «الحياة»: «يمكن للحكومة تبني سياسات وتشريعات جديدة، مثل ترشيد الإنفاق وغيره، لكنها لا تستطيع عمل الكثير لحل المشاكل الاقتصادية والمالية بسبب اعتماد السلطة على المانحين، وسيطرة اسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني». وأضاف: «اسرائيل تمسك في يدها مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني، وفي حالة مثل هذه، لا تستطيع الحكومة عمل الكثير». وكان الرئيس عباس اعلن ان الحكومة الجديدة موقتة لمدة ثلاث اشهر سيصار بعدها الى تطبيق الاتفاق مع حركة «حماس» في شأن تشكيل حكومة وفاق وطني تتولى اجراء الانتخابات العامة. لكن المراقبين يستبعدون نجاح الحركتين في التغلب على الانقسام والخلافات المستفحلة بينهما».