لندن - أ ف ب - انضمت بريطانيا امس الى فرنسا في ترجيح استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد اسلحة كيماوية في المواجهات مع مقاتلي المعارضة، في حين اتخذت واشنطن موقفاً متريثاً، وتوقع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض ان يواصل النظام استخدام هذه الأسلحة المحرّمة دولياً. وقال ناطق حكومي بريطاني: «حصلنا على عينات فيزيولوجية من سورية جرى فحصها» في انكلترا و «اثبتت المواد التي تم الحصول عليها وجود غاز السارين». وأضاف: «وفق تقديراتنا، فإن استخدام الاسلحة الكيماوية في سورية يرجح بقوة ان يكون من فعل النظام»، مشيراً الى ان بريطانيا «ليس لديها حتى الآن دليل على استخدام المعارضة» الاسلحة الكيماوية. وأوضح «توجد كمية متزايدة من المعلومات المقنعة على رغم كونها محدودة، تثبت ان النظام استخدم وما زال يستخدم اسلحة كيماوية، وخصوصاً غاز السارين». وأكد الناطق ان «استخدام الاسلحة الكيماوية جريمة حرب»، مذكراً بأن لندن طلبت من الاسد السماح «لمحققي الاممالمتحدة بالوصول فوراً وبلا قيود» الى الاراضي السورية. وأضاف ان «الاسد شكل مخزوناً من الاسلحة (الكيماوية) ودرّب وحدات عسكرية على استخدامها وما زال يسيطر على هذه الوحدات. ومن ثم فإنه يتحمل مسؤولية ملحّة في وضع حد لاستخدامها وإتاحة إجراء تحقيق كامل بلا عرقلة». وبريطانيا هي ثاني دولة بعد فرنسا تؤكد في شكل قاطع استخدام الاسلحة الكيماوية في سورية، وهي مسألة تطرح بانتظام منذ اشهر ويعتبرها الغربيون «خطاً أحمر» يتطلب حزماً اكبر. وفي واشنطن، اتخذ البيت الأبيض موقفاً متريثاً من الاعلان الفرنسي، واعتبر الناطق باسمه جاي كارني أن واشنطن تنتظر «جمع المزيد من الأدلة لتأكيد الأدلة الموجودة» حول استخدام السلاح الكيماوي في سورية. وأضاف كارني ان الرئيس باراك أوباما «يرى ان التعاطي مع هذا الأمر في شكل دقيق هو في غاية الأهمية»، وهو ما يفسر وفق الناطق التأخر في التحرك في هذا الملف. ولفت الى ان «قضية استخدام صدام حسين السلاح الكيماوي كانت حججها أقوى مما لدينا حالياً». وتعكس هذه اللهجة تريثاً اميركياً في الملف السوري، غير ان مصادر ديبلوماسية رفيعة توقعت ان تصعّد واشنطن موقفها بعد مؤتمر «جنيف-2» في دعم المعارضة عسكرياً او إقامة ممرات إنسانية آمنة. وأعلن «الائتلاف الوطني» انه ليست هناك اي مؤشرات تفيد بأن النظام السوري «سيتوقف عن استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين»، داعياً الى تحرك دولي «يشل قوة النظام الهجومية». وقال الائتلاف في بيان :»أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن بلاده باتت متأكدة من استخدام نظام الأسد غاز السارين، وهو الأمر الذي طالما أكدته شهادات النشطاء والأطباء السوريين ودعمته المعلومات التي أعلنت عنها الحكومة التركية سابقاً». وزاد: «لم يعد هناك من شك اذاً في وقوع هذه الجريمة، ولا في الجهة المسؤولة عن ارتكابها، كما لا توجد أي مؤشرات تنبئ بأن النظام سيتوقف عن استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين، بل إن كل المؤشرات تتجه نحو التزايد التدريجي لذلك الاستخدام. لذلك، يجدد الائتلاف دعوته لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن واستصدار قرار عملي حازم يضع حداً لانتهاكات النظام». وأشار الى ان «بيانات الادانة ليست كفيلة بتغيير الواقع المأسوي، بل يجب أن تقترن بفعل عملي على الأرض. إن الوضع الميداني في سورية يستدعي تحركاً دولياً يشل قوة النظام الهجومية، ويزود الجيش الحر بالأسلحة النوعية ليتمكن من حماية المدنيين وإنهاء حكم هذا النظام المجرم». وفي باريس، أعلنت ناطقة باسم الحكومة الفرنسية أن باريس «لن تتخذ قراراً أحادي الجانب» وذلك رداً على سؤال حول احتمال حصول تدخل عسكري محدد الأهداف لتدمير مخزونات الأسلحة الكيماوية في سورية. وقالت للصحافيين بعد جلسة لمجلس الوزراء «لن يكون هناك قرار أحادي الجانب ومعزول من جانب فرنسا (...) الأمر أصبح في أيدي المجموعة الدولية». وأوضحت أن وزير الخارجية لوران فابيوس قال خلال اجتماع لمجلس الوزراء إنه تباحث الثلثاء والأربعاء مع نظيريه الأميركي والبريطاني جون كيري ووليام هيغ وكذلك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأضافت: «أبلغهم بالعناصر التي نملكها ويقيننا من أن غاز السارين استخدم في سورية». وتابعت «سنواصل هذه المشاورات حسب الرد الذي يجب أن يقدمه نظام بشار الأسد». وأوضحت أن فابيوس «قال مجدداً انه تم تجاوز خط أحمر» انطلاقاً من تحليل «عينات أخذت من الأرض في سورية في أماكن عدة وأكدت بوضوح وجود غاز السارين».