أثارت أمنية السبوعي، الناشطة التونسية في منظمة «فيمن» النسائية العالمية للمحتجات عاريات الصدور، سخط الرأي العام في تونس التي يدين شعبها بالإسلام، لكنها تحولت في نظر منظمات حقوقية غربية إلى رمز للصراع ضد الإسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم إثر الإطاحة مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وأكدت والدة أمينة أن ابنتها «تعاني من مرض نفسي وتتلقى العلاج منذ 2009» واتهمت منظمة «فيمن» باستغلال مرض ابنتها، بعدما أكد والد أمينة أن ابنته «مريضة ولا تزال صغيرة» وتوقع أن «تندم على ما فعلت». وفي آذار (مارس) 2013 صدمت أمينة (18 عاماً) الرأي العام في بلادها عندما نشرت على الإنترنت صوراً ظهرت فيها عارية الصدر. وكتبت الفتاة وقتئذ على جسمها عبارة «جسدي ملكي وليس (مصدر) شرف أحد». وفي نيسان (أبريل) الماضي قالت أمينة «لكل شخص الحق في التعبير عن رأيه بطريقته الخاصة، وأنا وجدت نفسي في طريقة تعبير فيمن». ونددت أمينة بما سمّته «تضييقات على الحريات في تونس خصوصاً بعد وصول حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم» إثر انتخابات 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011. وقالت الفتاة ذات الشعر القصير والجسم النحيل: «سأكون سعيدة لحضور سقوط (حركة) النهضة». وأضافت وهي تدخن سيجارة: «طبعاً أنا سعيدة لأنني أصبحت مشهورة وأحظى باهتمام وسائل الإعلام». وبعد نشر أول صورة لها عارية الصدر، صبغت أمينة شعرها الأسود باللون الأصفر. وتحدثت الفتاة المتمردة التي هربت من منزل عائلتها عن «الصدمة» التي سببتها لأسرتها بعد تعريها على الإنترنت. وقالت إن والديها «اختطفاها» و «احتجزاها»، وهي تهمة نفتها أمها، التي قالت إنها أرادت حمايتها من تهديدات متشددين دينيين. وأكدت أن أمينة «تعاني من مرض نفسي وتتلقى العلاج منذ سنة 2009»، وإنها راجعت مستشفى الرازي أشهر مستشفى للأمراض العقلية في تونس. وأظهرت الأم شهادات طبية تثبت صحة أقوالها. ووفق شهادة طبية بتاريخ آذار 2013 «تعاني (أمينة) منذ أشهر من هبوط في المزاج وأرق مع حزن وسرعة انفعال وردود فعل متفجرة وأوهام وشعور بالذنب وبتشوه الذات وبانخفاض في تقدير النفس واضطرابات سلوكية، وسلوكيات انتحارية». وتقول أمينة إنها أمضت طفولة «صعبة» في الخليج (حيث كان والداها يعملان) وإنها تعرضت هناك لمحاولة اعتداء جنسي عندما كانت تبلغ ثلاث سنوات. لكن والدتها نفت ذلك وقالت إن منظمة «فيمن» تستغل مرض ابنتها من دون اهتمام بمستقبل الفتاة. وقررت أمينة مواصلة الاحتجاج في انتظار الحصول على تأشيرة سفر إلى فرنسا حيث تنوي اجتياز البكالوريا (شهادة الثانوية العامة). وفي 19 أيار (مايو) اعتقلت الشرطة أمينة السبوعي في القيروان بعدما كتبت عبارة «فيمن» على جدار مقبرة قريبة من جامع عقبة بن نافع (أول جامع في شمال أفريقيا) وصادرت لديها عبوة غاز مشل للحركة. وكان من المقرر أن تعقد في اليوم نفسه جماعة «أنصار الشريعة» السلفية الجهادية الموالية لتنظيم «القاعدة» مؤتمرها السنوي الثالث قرب هذا الجامع قبل أن تمنعه وزارة الداخلية. واعتبر مراقبون تحول أمينة إلى القيروان وكتابتها عبارة «فيمن» على جدار المقبرة، استفزازاً لجماعة «أنصار الشريعة» التي تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في تونس. والثلثاء قال عدنان منصر الناطق باسم رئاسة الجمهورية التونسية في تصريح لإذاعة «كلمة» الخاصة، إن أمينة «عرّضت نفسها لخطر الموت و(عرضت) مدينة (القيروان) لخطر الاقتتال». واعتبر أن «إلقاء القبض عليها يومها (من قبل الشرطة) أنقذها وحماها» من اعتداءات محتملة، معرباً عن «تعاطفه مع حقها في التعبير». وأصدرت محكمة القيروان في 29 أيار الماضي حكماً بتغريم أمينة 300 دينار (حوالى 150 يورو) لحيازتها عبوة غاز مشل للحركة من دون ترخيص قانوني، وقررت الإبقاء عليها قيد الحبس بعدما وجهت لها تهماً جديدة تصل عقوبتها الى السجن 14 عاماً. وهذه التهم هي «تكوين وفاق من أجل الاعتداء على الأملاك والأشخاص» و «التجاهر بفحش» و «تدنيس مقبرة». ووفق الفصول 132 و167 و226 من القانون الجزائي التونسي تصل عقوبة التهم الثلاث الجديدة مجتمعة إلى الحبس 14 سنة ونصف سنة. وفي 29 أيار الماضي اعتقلت الشرطة ثلاث ناشطات أوروبيات (فرنسيتين وألمانية) في «فيمن» بعدما أقدمن على التظاهر عاريات الصدور أمام مقر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس للمطالبة بإطلاق أمينة. وكان من المقرر مثول الفتيات الثلاث، إضافة إلى أمينة، أمس أمام القضاء بتهمة «لفت النظر علناً إلى وجود فرصة لارتكاب فجور» وفق الفقرة الثانية من الفصل 226 مكرر من القانون الجزائي التونسي الذي يعاقب على هذه الجريمة بالسجن مدة 6 أشهر وبغرامة مالية قدرها ألف دينار (500 يورو). وارجأ القضاء التونسي أمس النظر في هذه القضية. والثلثاء أوقفت تونس ألكسندرا تشفشنكو الناشطة الأوكرانية في منظمة فيمن، ورحّلتها إلى كييف. وقالت ناشطة بالمنظمة إن تشفشنكو لم تكن تنوي التظاهر عارية الصدر في تونس وإنما جاءت «لدعم» زميلاتها الموقوفات في تونس. واعتبرت أن ترحيل الناشطة الأوكرانية «دليل على أن محاكمة الأربعاء ستكون سياسية وليست محاكمة قائمة على (تطبيق) القانون». وفجّر إقدام الأوروبيات الثلاث على التعري أمام محكمة تونسية، انتقادات كبيرة في تونس، ووصفت وزارة الشؤون الدينية في بيان أصدرته يوم 29 أيار الماضي ما قامت به الناشطات الأوروبيات بأنه «عمل دنيء مستفز للمشاعر ومتطاول على تعاليم الإسلام الحنيف وقيم الشعب التونسي المسلم» ودعت «الجهات الأمنية والقضائية إلى التعامل بكل حزم وصرامة مع هذه السلوكيات المستهترة والمتهورة». ونأت المعارضة العلمانية في تونس بنفسها عن التعبير عن تعاطفها مع أمينة، خشية إثارة سخط الرأي العام، واعتبرت ما قامت به الفتاة «طيش مراهقة».