لا يقدم برنامج «صبايا الخير» على فضائية «النهار» شيئاً من اسمه في بعض الحلقات التي يفاجئنا بها أحياناً. تغوص المذيعة ريهام سعيد في الأحداث المشوقة والفضائح، ولا تنسى أن تذكّر مشاهديها كما حدث أخيراً، بأن من لا يمتلك قلباً شجاعاً عليه أن يدخل وينام. تبدأ الحلقة بمقدمة تحذيرية لكل هؤلاء الذي يقعون تحت سن ال18. ربما لم يعد مجدياً القيام بذلك. مواقع التواصل الاجتماعي «غير الرحيمة» لا تطلب من أحد عدم مشاهدة هذا الفيلم المسرّب أو ذاك مهما بلغت قسوته ووحشيته وحدّته الصادمة. الحل بالطبع لا يكمن في تحذير مشابه. ربما يزيد التحذير المشار إليه من نسبة عدد المشاهدين ويرفعها إلى مستويات كبيرة بغض النظر عن التحديات الأخلاقية التي يفرضها هذا النوع من الترويج، إذ تبحث ريهام سعيد معدة البرنامج ومقدمته، مع المخرج عن الطريقة الأنسب للحصول على أكبر كمية ممكنة من الإثارة متجاهلة تحذيرها القلوب الضعيفة التي يجرّها فضولها واستسلامها لفضائل وسائط الاتصال إلى متابعة حلقة «آمال وسيد». قد يكمن السر في التقطيع وحركة الكاميرا والمؤثرات الصوتية التي ترافق تقديمها قصتهما: آمال تملك محلاً لبيع الفراريج وسبق لها أن تزوجت من سيد (بعمر ابنها) على زوجها الكفيف وأسكنتهما معاً في بيت واحد. بتعبير ريهام سعيد «وضعت آمال زوجها الحقيقي على الرف، وانغمست مع الشاب الوافد الجديد بحياتها وملذاتها على مسمع الزوج الكفيف». القصة معقدة على رغم بساطتها الظاهرية، إذ جرى تقطيع الزوج بالمنشار ووضعه في برميل وإرساله إلى محل بيع الفراريج عن طريق معاونة بعض الجيران الذين تساءلوا عن مصدر الروائح الكريهة، فقيل لهم إن البرميل مليء بالأرانب الميتة. تزداد القصة تعقيداً، فالمتهمان سيد وآمال يحلفان أغلظ الأيمان بأنهما لم يرتكبا مثل هذه الجريمة الوحشية، ويُلقي كل واحد منهما التهمة على الآخر، محاولاً عن طريق البكاء والهمهمة تفنيد الوقائع والأدلة المصورة التي تحيط بجنايتهما من كل جانب. التحقيقات النهائية ستقود نحو معرفة ما إذا كانت آمال هي من قامت بهذا الفعل الشنيع، أم سيد الذي تكلم بحسب ريهام برواية مقنعة ومنطقية أكثر منها. ليس مهماً بعد ذلك الإيغال في القصة من هذه الزاوية، أو حتى من انقضاض الكاميرا على الوجهين الهاربين من الإنسانية واشتقاقاتها، ولكن يظل لكلمات المقدمة وقع وصدى أكبر، إذ أشارت في سياق تقديمها للحلقة، إلى أن المتهمة قد وجدت مرجعاً لجريمتها النكراء في فيلم «المرأة والساطور» من إخراج سعيد مرزوق (1996). هل يمكن بعد ذلك القول إننا سنبحث في كثير من القصص الفظيعة التي ستقدمها لنا الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي «غير الرحيمة» عن مرجعيات لها في ثقافة آفلة لم تعرف كيف تقدم المثال والهوية لصانعيها وجمهورها على حد سواء؟