عرضت الحكومة المغربية أمام البرلمان بغرفتيه مشروع موازنة العام المقبل، المقدرة نفقاتها ب 383 بليون درهم (نحو 46 بليون دولار)، بزيادة نسبتها 4.33 في المئة على موازنة العام الحالي والبالغة 367 بليون درهم. وقال وزير المال والاقتصاد محمد بوسعيد، إن الاقتصاد المغربي «بدأ يتعافى تدريجاً منذ النصف الثاني من العام الحالي، ارتباطاً بتحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية، وبدء ظهور مؤشرات انتعاش في الأسواق الخارجية خصوصاً في منطقة اليورو، على رغم الغموض المخيّم على الأجواء بسبب الأوضاع غير المستقرة في المنطقة، وتقلّب الأسعار الدولية». وتوقع أن «يحقق النمو 4.4 في المئة من الناتج الإجمالي، على أن يتراجع العجز المالي إلى 4.3 في المئة من أصل 4.9 في المئة نهاية العام الحالي، واستقرار سعر النفط على 103 دولارات للبرميل، على أن يتراجع عجز ميزان المدفوعات الخارجية إلى 6.7 في المئة في مقابل 9.8 في المئة عام 2012 ". واعتبر بوسعيد في سؤال ل «الحياة» حول توقعات معدلات النمو التي أعلنها صندوق النقد الدولي أخيراً، ووضعت المغرب في المرتبة الأولى في تصنيف الدول المستوردة للطاقة بنمو يصل إلى 4.7 في المئة العام المقبل». وأوضح أن «هذه التوقعات لم تأخذ في الاعتبار الأرقام غير المشجعة في دول الاتحاد الأوروبي التي ستنمو أقلّ من واحد في المئة العام المقبل، وهي معدلات ليست في مصلحة الاقتصاد المغربي المعتمد في صادراته وسياحته وجزء كبير من الاستثمار، على منطقة اليورو». وأكد أن الاقتصاد المغربي «يتأثر سلباً بمحيطه الإقليمي الأوروبي والعربي»، منذ اتساع الأزمة الاقتصادية وتداعيات ما اصطلح على تسميته «الربيع العربي». ولفت إلى أن «توقعات النمو في الاقتصاد العالمي ليست مشجعة بالمقدار الكافي، وربما سيُخفّضها صندوق النقد الدولي لاحقاً إلى ما دون 3.9 في المئة المعلنة سابقاً». ويخسر الاقتصاد المغربي نصف نموه من ضعف الاقتصاد الأوروبي، وعدم استقرار أسعار الطاقة والتغيّرات المناخية، إضافة إلى إغلاق الحدود مع الجزائر وغياب الانسجام المغاربي. وكانت الحكومة وضعت لدى تشكيلها قبل ثلاث سنوات معدّلات نمو نسبتها 5.5 في المئة، لتنشيط الاقتصاد والتغلّب على بطالة الشباب وتقليص الفقر. وأكد بوسعيد أن مشروع الموازنة الجديدة «يرتكز على أربعة أهداف، تتمثل في تعزيز تنافسية الاقتصاد وتسريع التنمية والبنى التحتية، ومعالجة مشكلة البطالة وتحسين شروط الاندماج الاجتماعي خصوصاً في العالم القروي، فضلاً عن مواصلة خطة التحكم في التوازنات المالية». وكشف أن المشاريع ذات الطابع الاجتماعي «تقدّر بنحو 130 بليون درهم منها 54 بليوناً للتربية والتعليم، و17 بليوناً للصحة (منها 4 بلايين للمساعدة الطبية)، و23 بليوناً لدعم الأسعار عبر صندوق المقاصة. وستنفق الحكومة والمؤسسات العامة استثمارات بنحو 189 بليون درهم (نحو 22.7 بليون دولار)، لتسريع البنى التحتية تحديداً الطرق السريعة والموانئ والمطارات والسدود والطاقات النظيفة». ويراهن المغرب على تحسين مناخ الأعمال لجلب مزيد من الاستثمارات الخارجية خصوصاً من دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار اتفاقات التعاون الاستراتيجي. وأعلن بوسعيد أن قطاع السياحة «سيحظى باستثمارات بقيمة 15 بليون درهم، عبارة عن استثمارات خليجية مغربية عبر «وصال كابيتال». واعتبر أن «تحسّن مؤشّرات بورصة الدار البيضاء تدفع المستثمرين نحو السوق المغربية التي كسبت 11 في المئة في مؤشر «ماديكس» في الشهور الثمانية الأولى من السنة، علماً أن المغرب هو ثاني أهم سوق مالية في أفريقيا والرابعة عربياً». وستنفق الموازنة المغربية نحو 68 بليون درهم العام المقبل، لتسديد الديون الداخلية والخارجية وفوائدها، بزيادة 19 في المئة على خدمات الديون المتوجبة العام الماضي التي بلغت 57 بليون درهم. وستسدّد الرباط بليون دولار للديون الخارجية ونحو 60 بليون درهم للديون الداخلية، ما سيدفعها إلى الاستدانة الخارجية من السوق الدولية العام المقبل لتمويل عجز مالي يفوق خمسة بلايين دولار. وتشكّل الديون عبئاً واضحاً على الاقتصاد المغربي الذي يراهن على بداية خفضها مطلع عام 2016، وهي تفوق حالياً 65 في المئة من الناتج الإجمالي. وكانت كلفة الدَين لا تتجاوز 37 بليون درهم عام 2011، لكنها ارتفعت إلى 43 بليوناً عام 2012 قبل أن تنخفض إلى 39 بليوناً العام الماضي. ورأى بوسعيد أن «التحكّم في التوازنات الكلية وخفضها إلى ما دون 4 في المئة، سيمكّن من التحكم بالديون العامة وتقليصها تدريجاً، حفاظاً على مصالح الأجيال المقبلة التي لا يجب إثقالها بديون آبائها. وكان صندوق النقد الدولي ربط منح الرباط خطوط ائتمان مالية، برفعها الدعم عن السلع الأساس، حيث تراجعت نفقات دعم الأسعار من 43 إلى 23 خلال سنتين، ما يعادل كسب نحو نقطتين من عجز الموازنة.