قدم وزير المال والاقتصاد المغربي محمد بوسعيد مشروع موازنة عام 2014 للبرلمان مساء أول من أمس، مقدّراً إجمالي العائدات ب367 بليون درهم (نحو 44 بليون دولار)، بزيادة 2.51 في المئة على قيمتها الحالية. وتستهدف الموازنة الجديدة تحقيق نمو نسبته نحو 4،2 في المئة، وتقليص عجز الحسابات الكلية إلى 4.9 في المئة من سبعة في المئة حالياً، واعتماد سعر برميل النفط ب105 دولارات. وأكد الوزير أن «بوادر انتعاش الاقتصاد العالمي والتحسن الطفيف في منطقة اليورو، ساعدت الاقتصاد المغربي على النمو 5.1 في المئة خلال النصف الثاني من السنة، مدفوعاً بموسم زراعي جيد وتحسن أداء القطاعات الصناعية المرتبطة بالمهن الجديدة، مثل تركيب السيارات وتصنيع قطاع غيار الطائرات وال «أوفشور»، والسياحة. وأكد أن ذلك ساهم في رفع حصة التجارة الخارجية في النمو، وساعد في إبقاء البطالة عند نحو تسعة في المئة. لكن عرض بوسعيد تضمن تفاؤلاً حذراً بالنسبة لآفاق العام المقبل بسبب ما وصفه ب «الهشاشة التي تطبع الاقتصاد العالمي، والوضع الإقليمي للمغرب في سياق تداعيات الربيع العربي، وتقلبات أسعار المواد الأولية في السوق الدولية». ودعا إلى «اعتماد الواقعية في صياغة الأهداف، واستعادة الثقة في القدرات المحلية لتجاوز التحديات، ومنها وقف نزيف عجز الموازنة وميزان المدفوعات الخارجية، وتحصين الاحتياط النقدي من العملات والقطع الأجنبي». وشدد على أن «الحكومة ستعمل على تنويع الشركاء الاقتصاديين والإمكانات التي يتيحها العمق المغاربي والعربي والإفريقي والوضع المتقدم داخل الاتحاد الأوروبي»، مجدداً التأكيد على «التزام الرباط مواصلة تفعيل الشراكة الإستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة حجم المبدلات التجارية واستثمارات الصناديق السيادية في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص». وتضمنت الموازنة الجديدة استثمار 186 بليون درهم في قطاعات البنية التحتية، مثل السكة الحديد والطرق السريعة والموانئ والمطارات والطاقات المتجددة والصناعات الحديثة والري والزراعة والفوسفات، وزيادة الإنفاق على القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة والسكن والرياضة والمواصلات والخدمات الأساسية في القرى والأرياف». ويراهن الاقتصاد المغربي على المهن والصناعات الجديدة ذات الفائض في القيمة المرتفعة لتخفيف الضغط على التوازنات المالية وميزان المدفوعات الخارجية، من خلال زيادة الصادرات للتغلب على ضعف السيولة النقدية وارتفاع أسعار المواد الأولية في السوق الدولية، وخصوصاً الطاقة التي تستنزف نحو 13 بليون دولار، أي ما يوازي إجمالي أجور العالمين في القطاع العام أو يفوقه. ورصدت الموازنة 35 بليون درهم لدعم الأسعار، ومنها المحروقات، بانخفاض قيمته خمسة بلايين درهم مقارنة بهذه السنة، ما يعني أن الأسعار مرشحة للارتفاع في حال تجاوز سعر برميل النفط 105 دولارات. واعتبرت الحكومة أن تقليص نفقات «صندوق المقاصة» بداية لإصلاح نظام دعم الأسعار وتوجيهه إلى الفئات الفقيرة واعتماد ضرائب على كبار المزارعين، للمرة الأولى، لتعزيز عائداتها وعقلنة الإعفاءات. وتوقع محللون أن تشهد مناقشة الموازنة «التقشفية» انتقادات حادة في البرلمان بسبب ميولها الضريبية، وسعي الحكومة إلى معالجة خلل الصعوبات المالية على حساب جيوب المواطنين، في إطار ما تعتبره تقاسماً للأعباء المالية، تجنباً لتدخل صندوق النقد الدولي الذي اشترط لدعم الرباط ب6.2 بليون دولار، رفع الدعم عن المحروقات وزيادة الضرائب وتقليص عجز الخزينة عبر خفض النفقات العامة. وستحتاج الموازنة المقبلة إلى تمويلات إضافية ب32 بليون درهم لتغطية فارق الموارد والنفقات.