ربما لا يعرف كثيرون في الوطن العربي، أن أفراد الأسرة المالكة في السعودية، وأشهر رموزها يستقبلون المواطنين في مكاتبهم ومنازلهم من دون وضع قيود أمنية إطلاقاً، ما يدل على قربهم من المواطن، وحرصهم على تلمس همومه وشجونه، بعكس الحال المختلفة في معظم الدول العربية، التي يفرض مسؤولوها احتياطات أمنية صارمة جداً على أبوابهم. فما حدث أول من أمس في محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، عندما أعطى أوامره بعدم تفتيش أو تأخير من يود مقابلته، والأمر يشمل حتى الإرهابيين والمطلوبين أمنياً ممن يودون مقابلته شخصياً، خير دليل على هذه العلاقة الأخوية بين المسؤول والمواطن. لكن في واقعة الخميس الماضي قوبلت هذه الخصلة الحميدة بغدر وخيانة، تمثلت في تفجير احدهم نفسه في لحظة الدخول على الأمير في محاولة لاغتياله في منزله بجدة. وعلى رغم أن محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف وقعت في وقت متأخر ليل اول من أمس (الخميس)، إلا أن خادم الحرمين الشريفين أصر على زيارة الأمير في المستشفى، للاطمئنان عليه بعد ساعة من وقوع الجريمة، ما كان له الأثر البالغ في نفسية الأمير محمد الذي رد على الملك، بعد أن سأله عن وضعه الصحي بقوله: «أنا بخير وزيارتكم لي أنستني الموضوع برمته». ووجّه خادم الحرمين بعض اللوم إلى الأمير محمد بن نايف لعدم تفتيش الإرهابي قبل دخول منزله، فأجابه الأمير: «ذلك كان خطأ مني وعن حسن نية»، ما يعطي دلالة واضحة على أن الأمير محمد كان مقرباً من الكل من دون فرض أو وجود حواجز أو عوائق تحد من لقائه المواطنين، بل تجاوز الأمر إلى أن الإرهابيين أنفسهم يستطيعون أن يلتقوا به من دون أن يضايقهم أو يفتشهم احد وبأمر من الأمير محمد. أثنى الملك عبدالله على الخدمات الجليلة التي يقدمها الأمير محمد في خدمة وطنه ودينه، لاسيما ان الأمير محمد بن نايف الذي لا يحبذ الظهور إعلامياً، يعمل بصمت ويعتبره السعوديون من خلال الجهود الأمنية التي يقدمها، المهندس الذي استطاع خلال أعوام قليلة تفكيك بؤر الإرهاب، والقضاء على معظمها في السعودية وحماية وطنه ومواطنيه، كما عمل لجاناً خاصة للمناصحة، لعودة من غُرر بهم إلى صوابهم، فنال احترام الجميع. وأعرب الأمير محمد بن نايف عن بالغ تقديره للفتة الكريمة، التي قام بها خادم الحرمين بزيارته شخصياً للاطمئنان على سلامته، مؤكداً أن هذه المحاولة الغادرة لن تزيده سوى تصميم على محاربة الفئة الضالة، واجتثاث جذور الإرهاب التي باتت تتخبط في كل اتجاه، لزعزعة امن واستقرار هذه البلاد، وهذا يدل على وجود من يستهدف اللحمة الوطنية المتينة، التي بفضلها تمكّن السعوديون من التصدي للإرهاب، والتي باتت تشكّل كل أطياف المجتمع السعودي من مسؤولين ومواطنين ومقيمين ولا تستثني أحداً. يذكر أن السلطات السعودية أعلنت قبل أيام عدة عن اعتقال 44 متشدداً على صلة بالقاعدة، وضبط متفجرات وأجهزة تفجير وأسلحة نارية كانت مخبأة في مواقع متفرقة.