منذ اندلاع الثورة السورية في 15 آذار (مارس) 2011، وما تلاها من تعقيدات أمنية على الأرض، كان الألمان قريبين من الحدث، تشدّهم إليه الأخبار المأسوية والصور المحزنة. والصدمة التي شعر بها الألمان تجاه الوضع الكارثي في بلاد الأمويين، كانت محركاً للكثير من المبادرات الفردية والسياسية، منها دعوة زوجة أحد المسؤولين الألمان عقيلة الرئيس السوري أسماء الأسد، إلى مساعدة شعبها وإغاثته. وتعد ألمانيا أول بلد أوروبي أصدر قراراً بمنح حق اللجوء الخاص للسوريين. وبموجبه، ستستقبل ألمانيا حوالى 5000 لاجئ سوري من مخيمات الأردن ولبنان، على أن يعودوا الى وطنهم بعد انتهاء الحرب. أما الأولوية، فللأطفال والعائلات التي تضم أطفالاً. جاء القرار الألماني بعد الوضع المتأزم الذي وصلت إليه مخيمات اللاجئين السوريين في الدول المجاورة. وتعد ألمانيا ثاني أكبر مانح للشعب السوري بعد الولاياتالمتحدة الأميركية. ولا يقتصر الاهتمام الألماني بالأزمة السورية على المستوى الحكومي، وإنما يتعداه إلى المستوى الشعبي أيضاً، إذ يشعر الكثير من الألمان بمسؤولية أكبر تجاه ما يجري في سورية. ويدعو ناشطون حقوقيون ألمان إلى مدّ يد العون إلى الشعب السوري. ولعل مبادرة «قف وانظر»، التي أطلقتها جمعيات ألمانية غير ربحية، تعد واحدة من أهم المبادرات الأوروبية لتقديم المساعدة الحقيقية الإنسانية للسوريين الرازحين تحت وابل من الحديد والنار. وفي هذا الإطار، دعت منظمات «كاريتاس» و «الصليب الأحمر» و «يونيسيف» العاملة في البلاد، المواطنين الألمان إلى تقديم التبرعات. ويتزامن الحدث مع بث القناة الثانية في التلفزيون الألماني تقارير إخبارية مفصلة، في نشرات الأخبار تشرح الوضع الإنساني في المنطقة وكيفية المساعدة في هذا الصدد من خلال «الخط الساخن» الهاتفي الذي يُستخدم عادة في حالات الكوارث. وجاء إطلاق المبادرة بعد مجزرة مدينة بانياس الساحلية قبل نحو ثلاثة أسابيع، وما وصل منها من حقائق مرعبة وصور مشينة. ووفق البيان المشترك للمبادرة، فإن الدعوة الإنسانية وُجهت «نظراً إلى تصاعد العنف في سورية وعدم إحراز تقدم سياسي ملموس لوقف سفك الدماء، ودخول مأساة السكان المدنيين السوريين السنة الثالثة، وبسبب الوضع الكارثي المنحدر من سيئ إلى أسوأ، يوماً بعد يوم». وذكّرت المبادرة بأن عدد السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدة ارتفع في سنة واحدة من مليون شخص إلى 6.8 مليون، يعيش 1.4 مليون منهم كلاجئين تحت أصعب الظروف في البلدان المجاورة. وناشد البيان «كل المؤسسات الخيرية استخدام مختلف الوسائل لتوسيع الوصول الآمن إلى المحتاجين داخل سورية، فضلاً عن اللاجئين في دول الجوار. وفي هذا الصدد، فإننا نحتاج إلى دعم شامل وطويل الأجل لتأمين ظروف لائقة للاجئين». واعتبرت هيئات المجتمع المدني في ألمانيا، خصوصاً تلك المهتمة بالشأن الحقوقي والإنساني، أن «الصراع في سورية هو بمثابة اختبار للقانون الإنساني الدولي». وشددت الهيئات على ضرورة إيصال المساعدات اللازمة إلى مستحقيها من الشعب السوري المنكوب. «فالمساعدات الإنسانية لا يمكن أن تتوقف على رغم أعمال العنف. وعلينا أن نقدم ما في وسعنا من أجل الدفاع عن الإنسانية، والابتعاد عن الكراهية والتناقضات».