حذّر وزير المال الألماني وولفغانغ شويبله أمس من أن الفشل في كسب المعركة ضد بطالة الشباب يمكن أن يمزق أوروبا، فيما يمكن التخلي عن النموذج الأوروبي للرعاية الاجتماعية لمصلحة المعايير الأميركية الأكثر تشدداً، أن يسبب «ثورة». ودعمت ألمانيا، إلى جانب فرنسا وإيطاليا، تدابير طارئة لإنقاذ جيل من الأوروبيين الشباب القلقين من عدم العثور على وظائف، فيما يبلغ معدل بطالة الشباب في أوروبا حوالى الربع، أي أكثر من ضعفي المعدل الخاص بالبالغين. وقال شويبله: «نحتاج إلى نجاح أكبر في معركتنا مع بطالة الشباب، وإلا خسرنا معركة وحدة أوروبا». وفيما تصر ألمانيا على أهمية تصويب الموازنات في دول الاتحاد الأوروبي عموماً ومنطقة اليورو خصوصاً، حض شويبله على حماية النموذج الأوروبي للرعاية الاجتماعية. ورأى في كلمة أمام مؤتمر في باريس عن مستقبل الاتحاد الأوروبي أن اعتماد المعايير الأميركية في هذا الصدد في أوروبا، «سيسبب ثورة، ليس في اليوم التالي، بل في اليوم ذاته». وقال وزير العمل الإيطالي أمام المؤتمر: «علينا أن ننقذ جيلاً كاملاً من الشباب الخائفين. لدينا جيل هو الأفضل تعليماً ونحن نعلّقه. هذا ليس مقبولاً». وألمانيا القلقة من تداعيات غضب شعبي في الدول الأوروبية التي تعاني أزمات من دورها في فرض سياسات التقشف عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، اتخذت خطوات في الأسابيع الأخيرة لمعالجة البطالة، شملت اتفاقات ثنائية مع إسبانيا والبرتغال. وقال الوزراء الألمان أمام المؤتمر إن تشغيل الشباب يتطلب متابعة أوروبية لإصلاحات بنيوية جارية لتعزيز تنافسية القارة وتعزيز الاستخدام الأمثل لأموال أوروبية، بما فيها ستة بلايين يورو خصصها الاتحاد لتشغيل الشباب بين 2014 و2020. وفيما اتفق المشاركون على إلحاح معالجة بطالة الشباب، لم يقدّم أحد منهم خططاً ملموسة في هذا الصدد، لكنهم أصروا جميعاً على وجوب أن تكون أوروبا عملية فتعمل لحل المشكلة على أكثر من جبهة. وقال شويبله إن الاتفاقات التي عقدتها ألمانيا مع إسبانيا واليونان تندرج في هذا الإطار. وقال فيرنير هوير، رئيس البنك الأوروبي للاستثمار: «يجب أن نكون عمليين، فما من حل سريع وما من حل سحري». واتفق مع وزراء مشاركين على أن السياسات التي تستهدف تعزيز تشغيل الشباب يجب أن تركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لأنها تمثل الباب الذي يدخل منه معظم الشباب إلى سوق العمل للمرة الأولى. ويعاني أكثر من نصف شباب إسبانيا الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة البطالة، فيما تقفز النسبة إلى 40 في المئة في البرتغال. أما في اليونان فقفزت النسبة إلى متسوى تاريخي يساوي 64 في المئة خلال شباط (فبراير). وفي آذار (مارس) سجِّلت أدنى النسب في أوروبا في ألمانيا والنمسا (أقل من ثمانية في المئة)، ما أبرز الفوارق المتنامية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتعتبَر بطالة الشباب من أبرز المواضيع التي ستناقشها القمة الأوروبية المقبلة في حزيران (يونيو)، فيما دعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل وزراء العمل الأوروبيين إلى مؤتمر في برلين عن بطالة الشباب في 3 تموز (يوليو). وفي متابعة لفكرة أطلقها هذا الشهر، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل أيام منطقة اليورو إلى العمل على قيام حكومة اقتصادية مشتركة تكون لها موازنتها الخاصة، تعمل على مشاريع محددة، منها تشغيل الشباب.