اعتبر مشاركون في الدورة ال 39 للاجتماعات السنوية ل «البنك الأفريقي للتنمية» التي افتُتحت أمس في مراكش، بعنوان «التغيير الهيكلي لأفريقيا»، أن القارة السمراء «تحتاج إلى إنفاق 100 بليون دولار سنوياً على البنية التحتية لتحسين شروط التجارة البينية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، ومحاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي». وأشار خبراء إلى أن تردي الطرق وغياب وسائل التواصل الحديثة، «كبّد دول أفريقيا جنوب الصحراء خسائر شكلت نحو 2 في المئة من ناتجها الإجمالي سنوياً، ويزيد كلفة الشحن لديها 14 في المئة عما هو معمول به عالمياً، ما يُقلص حجم المبادلات، إذ لا تتجاوز التجارة البينية الأفريقية نسبة 10 في المئة، وهي تعتمد على سلع تقليدية يدوية وزراعية أو معدنية». وقدّر خبراء حاجة أفريقيا إلى تمويل يزيد على تريليوني دولار، لمعالجة المشاكل التنموية والاجتماعية، وتأهيل اقتصاداتها للمنافسة الدولية ودمجها في الاقتصاد العالمي. وتواجه القارة صعوبات في الحصول على التمويل الضروري لتنفيذ مشاريعها التنموية، التي لم تستفد من تحسن الاقتصادات الأفريقية على رغم استمرارها في تحقيق معدلات نمو مرتفعة (فاقت 5 في المئة من الناتج). إذ لم يواكبها ارتقاء ملحوظ في معيشة السكان، أو تطور بنية الاقتصاد بسبب ضعف الاندماج الإقليمي وتعدد النزاعات وندرة الحوكمة، وتردي مرافق الاستقبال مثل الموانئ والمطارات والطرق وغياب شبكات السكك الحديد. وتبدو أفريقيا التي يسكنها نحو بليون نسمة أقل مناطق العالم تقدماً، والأكثر تعرّضاً لانتشار الأمراض والأوبئة وللتغيرات المناخية. وتسجل البطالة فيها أكبر معدل في العالم وأقل مستوى تعليمي خصوصاً بين النساء، وتدني الدخل الفردي بسبب ضعف فائض قيمة الإنتاج، على رغم تميّزها بامتلاك أهم مصادر الطاقة والمواد الأولية والمعادن الثمينة والنادرة، التي يُستعمل بعضها في صناعة الهواتف الذكية والأقمار الاصطناعية. وأورد تقرير ل "البنك الأفريقي للتنمية» الذي تأسس عام 1963، أن غياب المرافق وضعف البنية التحتية يحرمان ملايين السكان من الخدمات الأساسية، إذ يعيش 66 في المئة من سكان الأرياف من دون مصادر مياه عذبة، ويفتقر 60 في المئة منهم إلى الكهرباء، وتقل الأراضي الزراعية المروية عن 5 في المئة، فيما لا تتجاوز الطرق المعبدة نسبة 27 في المئة. وتملك أفريقيا جنوب الصحراء أضعف شبكة للنقل البري وأكثر وسائل النقل تخلفاً، مع استمرار اعتمادها على الدواب. ويُنتظر أن يصدر عن اجتماع مراكش، الذي يشارك فيه عشرات المسؤولين الاقتصاديين والماليين والخبراء من أكثر من 50 دولة أفريقية، توصيات تدعو إلى تسريع وتيرة الاندماج الإقليمي بين الدول الأفريقية للتغلب على مشكلة البنية التحتية ومصادر التمويل المالية، وتحضّ على توفير شروط انطلاق اقتصادي عبر التعاون والتكامل لزيادة التنافسية وجلب الاستثمارات وتحسين معيشة السكان، وتطالب بالتغلب على التحديات المناخية والبيئية، وإقرار تضامن عالمي لإخراج القارة السمراء من الفقر والتهميش.