احتفلت سيدة سعودية وابنها بحصولهما على درجة البكالوريوس، من إحدى الجامعات الأميركية، في حفلة تخرج واحدة أقيمت قبل أيام، إذ حصلت فاطمة الغافلي، على البكالوريوس في «الرياضيات». فيما نال ابنها سلام الغافلي، الدرجة ذاتها في «هندسة البترول» من جامعة كانساس. وتخطط الأم لمواصلة دراستها، ونيل شهادة الماجستير، وربما الدكتوراه، أسوة في زوجها الدكتور منصور الغافلي، الذي نال هذه الشهادة من جامعة كانساس أيضاً. وزاملت فاطمة (48 سنة)، ابنها سلام (22 سنة) لسنوات عدة في الجامعة. كانا خلالها يحضران الدروس سوياً، ويذكران مع بعضهما، وإن كانت الأم، وهي في الأصل معلمة رياضيات في إحدى مدارس محافظة الأحساء، وتحمل شهادة «الدبلوم المتوسط» في هذا التخصص، أكثر تفوقاً من ابنها في بعض المواد الدراسية المشتركة. بدأت حكاية الغافلي الأم، عند إصابتها بمرض في العين، وتحديداً التهاب في الأعصاب البصرية، إذ كادت أن تفقد البصر، ما دفعها إلى التوجه إلى أميركا لتعالج هناك، وتزامن ذلك مع قرار زوجها باصطحاب عائلته معه إلى أميركا، لإكمال دراسته فيها بعد أن حصل على بعثة دراسية في العام 2005، لنيل درجة الدكتوراه ضمن برنامج «خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي». ما دفعها للتفكير في إكمال الدراسة الجامعية التي توقفت عند «الدبلوم المتوسط»، وذلك بعد أن شُفيت تماماً من مرضها بعد مرور 3 سنوات من العلاج قضتها في ولاية كانساس الأميركية. ولأن «تواضع» الأم، منعها من الحديث عن تجربتها، لذا سلّمت دفة الحديث لابنها سلام، الذي عبر في اتصال هاتفي مع «الحياة»، أمس، عن سعادته «الغامرة» بتخرجه من الجامعة إلى جانب والدته، مشيراً إلى أن هذه الذكرى لها «طعم خاص، وتعني لي الكثير، خصوصاً أن والدتي كانت ترافقني طيلة فترة دراستي الجامعية». وقال: «اصطحبنا أبي معه ليكمل دراسته الأكاديمية في الخارج، وتسنى لي إكمال المرحلة المتوسطة والثانوية في مدينة لورنس، في ولاية كانساس، ومن ثم الجامعية»، مضيفاً «التحقت مع والدتي في الجامعة التي تخرج منها والدي في العام 2011. وكذلك شقيقتي إيمان في العام التالي». وانتظم سلام ووالدته في أول المستويات الدراسية، «أخذنا المقرر الدراسي لمادة الرياضيات، وحرصت أمي على أن نجلس قريبين من بعضنا في القاعة الدراسية وتحديداً في المقاعد الأمامية، وخلال السنوات الأربع الماضية أخذنا 6 مقررات مع بعضنا، وكنا ندرس سوياً، استعداداً للاختبارات النصفية والنهائية، ونشترك في إنجاز الواجبات الدراسية، وحرصنا أيضاً على مقابلة الأستاذة والمساعدين مع بعضنا». ويتذكر سلام، مواقف «طريفة» صادفتهما خلال الدراسة، منها أن «بعض الأستاذة يسألوننا دائماً: هل أنتما أقرباء لبعضكما ؟ فيكون جواب أمي سريعاً «أنه ابني» فينبهر الأساتذة من ذلك، لعدم توافر حال مماثلة في الجامعة»، ويكمل «كنت ألازم أمي دائماً في مشاوير الجامعة. كما نقضي معظم أوقات الدراسة في مكاتب الجامعة الموفرة للطلاب، وأعتقد أن هذه الخبرة التي اكتسبتها من أمي ستعينني كثيراً، وتحثني على بذل المزيد من الجهد، حتى أتميز في حياتي، كما كانت هي مميزة. بل أواصل دراساتي العليا، حتى أنفع ديني ووطني، فوالدي دائماً ما يكرر علينا، ويذكرنا بأننا «سفراء لوطننا، وإلى هذا الوطن يرجع الفضل بعد الله في حصولنا على هذه الفرصة الكبيرة». وعندما اقترب موعد التخرج، قرر سلام وأمه شراء ملابس التخرج من سوق الجامعة الخاص معاً. ويقول: «سألنا أحد الموظفين هناك: من المتخرج منكما؟» فأجابته أمي والابتسامة على وجهها: «نحن الاثنان، هذا ابني» فرحبت بنا الموظفة، وكانت تبارك لنا ذلك، وقالت لأمي: «إنك فعلاً الأم المثالية»، وفي يوم الأحد حرصت أمي وأنا على حضور مراسم التخرج سوياً،وكانت دموع الفرح تسير على خدي أمي وهي تقول: «الحمد لك يا الله على نعمك، وأعنا على شكرك يا رب». ويتسلم شقيقه محمد، دفة الحديث قائلاً: «رافقت والدتي والدي في السنوات الدراسية، للحصول على الدكتوراه من أميركا، وكانت تقوم بتدريس أخواني هناك، الذين يدرسون في المرحلة المتوسطة والثانوية، لكون والدتي معلمة رياضيات أصلاً. فيما التحقت في الجامعة بعد تخرج شقيقي سلام من الثانوية، وذلك بعد قبولهما ضمن برنامج «خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي». فيما سبقتهما شقيقتي بعام واحد». وأضاف محمد، «اشتركت والدتي مع أخوتي في دراسة مواد ذات علاقة في تخصصاتهم، وتفوقت عليهم وبدرجات مرتفعة»، لافتاً إلى أن إنجاز والدته بإكمال دراستها «أمر تحفيزي لنا»، وأذكر أن «جميع أفراد عائلتي أكاديميون، ويسعون في الوقت ذاته لإكمال دراساتهم العليا. فيما كان لدى والدتي اهتمام كبير بالدراسة، خصوصاً المواد الرياضية، إذ كانت معلمة معروفة على مستوى الأحساء، وكانت تصحح أخطاء يقع فيها معلمو الرياضيات في المرحلة الثانوية».