يتجه وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى تقديم مبادرة لاستئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية يغلب عليها الطابع الاقتصادي وتقل فيها السياسة. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن كيري أدرك صعوبة إحداث تقدم في المسار السياسي، فاتجه نحو المسار الاقتصادي الذي يسهل حدوث تقدم فيه. واوضحت ان كيري واجه عقبة كبيرة في استئناف المفاوضات تمثلت في اصرار الجانب الفلسطيني على وقف الاستيطان وتعريف حدود الدولة قبل الدخول في المفاوضات، وفي الوقت نفسه رفض الجانب الاسرائيلي تقديم أي مرونة في الموضوعين. وذكرت ان المبادرة التي يعكف كيري على اعدادها تبحث عن حل وسط بين المطلب الفلسطيني والرفض الاسرائيلي. ورجح ديبلوماسي غربي رفيع أن تتضمن المبادرة دعوة الطرفين الى الشروع في التفاوض على الحدود والامن، ومطالبة اسرائيل بعدم طرح أو المصادقة على اي عطاءات للبناء في المستوطنات أثناء المفاوضات، واطلاق الاسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ ما قبل اتفاق اوسلو، وعددهم مئة أسير، والشروع في خطة لاعادة تنشيط الاقتصاد الفلسطيني. أما المسار الاقتصادي، فيتضمن دعوة اسرائيل الى المصادقة على المشاريع الفلسطينية في المنطقة «ج» (الخاضعة للإحتلال) التي تشمل اقامة مدينة سكنية وأخرى صناعية في الاغوار، ومشاريع سياحية على البحر الميت، ومناطق صناعية، ومحطات لنقل الوقود والغاز في انحاء مختلفة من الضفة. وكان كيري قدم في خطابه امام المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) على ضفاف البحر الميت اول من أمس تفاصيل دقيقة عن مشاكل الاقتصاد الفلسطيني، مثل نسب البطالة البالغة 22 في المئة، موضحاً أن خطته الاقتصادية الجاري اعدادها بالتعاون مع ممثل اللجنة الرباعية الدولية توني بلير، حظيت بموافقة كل من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. وقال انها تتضمن ضخ 4 بلايين دولار في الاقتصاد الفلسطيني، وأنها ستعمل على خفض نسبة البطالة الى 8 في المئة، وستزيد الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة تصل الى 50 في المئة خلال 3 سنوات. واعتبر الديبلوماسي الغربي ان «مبادرة كيري ستكون الفرصة الأخيرة، فلن يحاول بعده أحد التدخل في عملية السلام المتوقفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لذلك سيكون مطلوب من الطرفين الموافقة عليها وتقديم التنازلات المطلوبة للعودة الى طاولة المفاوضات. ومن دون ذلك، فإن الاوضاع مرشحة للتدهور والانفجار». ويقول الجانب الفلسطيني انه سيدرس أي اقتراحات يقدمها كيري بجدية عالية، لكن لا يوجد أي آمل بنجاح اي مفاوضات مقبلة مع حكومة نتانياهو. وكان المستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني محمد مصطفى قال ل «الحياة» أخيراً ان القيادة الفلسطينية لن تقدم تنازلات سياسية في مقابل تسهيلات اقتصادية، موضحاً: «لن نقبل بأن يكون الاقتصاد هو العنصر الأول والوحيد، بل نريد ذلك في إطار سياسي يضمن قيام دولة فلسطينية على حدود شرقية تضمن حقوق اللاجئين». وكان الرئيس عباس جدد رفضه في مؤتمر صحافي عقب اللقاء الثلاثي الذي جمع بينه وبين كيري والرئيس شمعون بيريز على هامش منتدى دافوس اول من امس، رفض الفلسطينيين الحدود الموقتة والحلول المرحلية وشطب حق عودة اللاجئين. وزيارة كيري الراهنة هي الخامسة للمنطقة. والتقى مجددا أمس الرئيس عباس في العاصمة الاردنية عمان. وقال مسؤولون فلسطينيون ان لقاءات عباس وكيري غالباً ما تكون ثنائية.