استكمل مجلس الوزراء اللبناني تصريف الأعمال أمس، إجراءاته القانونية لإجراء الانتخابات النيابية في 16 حزيران (يونيو) وفق ما ينص عليه القانون الحالي النافذ أي قانون الستين، فشكل هيئة الإشراف على الانتخابات التي كانت «قوى 8 آذار» رفضت تشكيلها قبل استقالة الرئيس نجيب ميقاتي والتي كانت سبباً من أسباب استقالته. إلا أن الاتصالات استمرت حول التمديد للبرلمان بين القوى المصرة عليه لمدة طويلة، أي «حزب الله» وحركة «أمل» بتأييد من كتلة «جبهة النضال الوطني» النيابية برئاسة وليد جنبلاط، وبين القوى المعارضة له، لا سيما رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون الذي يعارضه. وينتظر أن يدعو رئيس البرلمان نبيه بري الى جلسة نيابية عامة قبل يوم الجمعة المقبل لهذا الغرض، حاول النائب والوزير نقولا فتوش خلال جلسة الحكومة التي عُقدت برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، طرح التمديد إلا أن الأخير قاطعه قائلاً: «هذا ليس موضوعنا ونحن نبحث الأمور وفق جدول الأعمال التي أتاحت هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل لحكومة تصريف الأعمال أن تجتمع لأجل بحثه». في موازاة ذلك، شهدت مدينة طرابلس أمس هدوءاً نسبياً بعد 9 أيام من الاشتباكات الدامية، خرقه تجدد القنص على رغم انتشار الجيش، ما أسفر عن جرح 8 مواطنين. وأقفلت وزارة الداخلية باب الترشيحات للانتخابات منتصف ليل أمس وناهز عدد المرشحين 700 ل128 مقعداً وفق قانون «الستين»، من بينهم ميقاتي وكثر ممن كانوا رفضوا هذا القانون. وأصدر حزب «الكتائب» أمس بياناً أكد فيه أنه «ما زال يأمل بيقظة نيابية وطنية فلا يفرض على الشعب قانون انتخابات الأمر الواقع». لكن نائب رئيس الحزب سجعان قزي قال انه سيقدم ترشيح 16 من أعضائه. وقال ميقاتي بعد انتهاء الجلسة أن المجلس «لم يتطرق بتاتاً الى التمديد للمجلس النيابي، ولكن هناك خطوات أساسية وإجراءات للتمديد للمجلس، ولكن نحن كحكومة نقوم بواجباتنا كاملة على أمل أن تشكل الحكومة الجديدة في أقرب وقت ممكن لأن الوضع السياسي في البلد يقتضي ذلك بأسرع وقت ممكن، وأهم شيء أن ترمم سياسة النأي بالنفس التي أوجدتها حكومتنا، وعلى رغم كل الشوائب حافظنا على سياسة النأي بالنفس والسِلم الأهلي والأمن وهذا كان هدفنا الأساسي». وأوضح أن لديه مبادرة سيعلن عنها في الأيام المقبلة «ربما تساعد بإحياء هيئة الحوار». وقال: «سنمشي بقانون الستين لكن بصراحة وبموازاة ذلك هناك سعي للتمديد بسبب ظروف استثنائية أمنية وغيرها طارئة في البلد، ولكن هذا القرار في يد المجلس النيابي وليس في يد الحكومة المصممة على إجراء الانتخابات». ولفت الى أنه «عندما يحصل التمديد ونرى الأسباب الموجبة لذلك ساعتئذ رئيس الجمهورية وكل واحد منا له قراره، وهناك طرق قانونية لرد القانون أو الطعن به». وعن الوضع في طرابلس قال: «هناك قرارات معطاة لكل الأجهزة الأمنية وهي مستمرة، ومجلس الوزراء ليس لديه السلطات التقريرية اللازمة في المرحلة الاستثنائية، هذه واجباتنا وعلى المجلس النيابي القيام بواجباته»، لافتاً الى أنه «ما لم تجر الانتخابات في طرابلس وكان هناك أسباب موجبة يمكن تأجيلها أسبوعين أو 3 أسابيع، نحن كحكومة نقوم بواجباتنا بكل جدية ووضوح». وقال: «كل الغطاء السياسي معطى للقوى الأمنية والجيش اللبناني، والجيش يتحرك من تلقاء نفسه للحفاظ على الأمن وله مطلق الصلاحية بالرد بما يراه مناسباً على المسلحين». ونقل وزير الإعلام وليد الداعوق عن الرئيس سليمان قوله خلال الجلسة تعليقاً على إطلاق الصاروخين على ضاحية بيروت الجنوبية: «المطلوب من الجميع أن يبذل جهده ولا أحد إلا ويستطيع التأثير بمحيطه، لإبعاد الفتنة وأن يكون كل مواطن خفيراً أيضاً بحيث يراقب الناس أي أمر غريب في منطقتهم». واعتبر سليمان إطلاق الصاروخين «بمثابة فتنة تدبر للبنان»، آملاً في أن «يعي الجميع مخاطرها». وأكد «الغطاء الكامل للجيش لتنفيذ الخطة التي يجدها مناسبة في طرابلس». وقالت مصادر نيابية إن بري لم يحدد موعداً للجلسة النيابية من أجل طرح التمديد بانتظار انتهاء مهلة الترشيحات، واستكمال الاتصالات مع الفرقاء المعارضين للتمديد فترة طويلة (18 شهراً أو سنتان)، إذ انه وجد مرونة في هذا الشأن من قبل كتلة «المستقبل» وإن لم يحصل بعد على جوابها النهائي، الذي ينتظر أن يتبلور خلال الساعات المقبلة التي ستشهد مشاورات في إطار قيادات قوى 14 آذار. من جهة أخرى، لم تستبعد مصادر أمنية أن تكون الجهة التي أطلقت 3 صواريخ سقط اثنان منها في الضاحية الجنوبية واحد قرب كنيسة مار مخايل في معرض السيارات، والثاني في شارع مارون مسك خلف الكنيسة، قد خططت لخلق مناخ تحريضي ضد المعارضة في سورية واتهام «جبهة النصرة» بقصف مراكز العبادة المسيحية. وأكدت المصادر أن الجهة التي أطلقت الصواريخ وإن كانت مجهولة فإنها «تعرف جيداً المنطقة التي استخدمتها لإطلاق الصواريخ لأنها محاطة بحقل من الألغام يمنع الاقتراب منها، وما يهمها إحداث فتنة وإثارة المشاعر مستغلة التداعيات التي ولّدها خطاب السيد نصرالله وتوظيف ردود الفعل على إطلاق الصاروخين للإيحاء بأن «للتكفيريين في سورية امتداداً في لبنان وأن سيطرتهم على سورية تهدد الوجود المسيحي في البلد». وسألت المصادر ايضاً عن المغزى من إطلاق الصواريخ من منطقة يتواجد فيها الدروز الى منطقة تتمتع حركة «أمل» فيها بنفوذ واسع. من جهة أخرى، سقط صاروخان في بلدة الهرمل البقاعية مساء أمس جراء المعارك الدائرة في القصير وريفها وتردد أنهما خلّفا عدداً من الاصابات. وواصل «حزب الله» تشييع قتلاه في عدد من القرى الجنوبية والبقاعية، كانوا سقطوا على جبهة القصير السورية.