يا رئيس كل المصريين، مئات من الرجال والنساء والشباب النظيف الشريف من أبناء مصر المسحوقين فقراً هم الآن خلف أسوار السجون، منهم من اشترى ثلاجة، ومنهم من جهز ابنته، ومنهم من اقترض ليطعم أفواه أطفاله، فمنهم من حكم عليه بالسجن 5 سنوات و10 سنوات بسبب قروض وإيصالات أمانة بملاليم. فهل يتصور عاقل في دولة دينها الإسلام أن يسجن رجل يعيل أسرة خمس سنوات بسبب أقساط قيمتها 10 آلاف جنيه؟ هل يعقل أن تُسجن امرأة وأم بحكم خمس سنوات بأقساط مهما كانت قيمتها؟ مع العلم أنك أصدرت قرارات عفو عن مسجونين في قضايا مختلفة؟ ألا يستجلب هذا غضب الله وسخطه على أمة سحقت فقراءها. فهل يتصور عاقل في دولة دينها الإسلام أن يكون قانونها هو تحويل فقراء الأمة إلى مجرمين، والله ما عرفنا إلى اليوم شريعة غير الإسلام تنص في صلب دستورها على سداد الديون عن المدينين وتجعل ذلك فريضة من الله سوى الإسلام بقوله تعالى: «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله، والله عليم حكيم» (التوبة، الآية 60). لا نطالبك بالعفو عنهم، كما عفوت عن غيرهم من قبل، لكن نطلب منك الوقوف الى جانبنا. فقد اتفقت مجموعة من شباب مصر الأوفياء لعمل مبادرة لتصدر قراراً بالعفو عن هؤلاء الغارمين وإخراجهم وحفظ حقوق دائنيهم بضمان الدولة وجمعيات المجتمع المدني ليكونوا وسط أُسرهم في رمضان المُقبل. فلو جمعوا كل ديون الغارمين بأقساط ومبالغ صغيرة أقل من 10 آلاف جنيه في السجون المصرية كلها فلن تصل إلى قيمة قرض واحد اقترضه رجل أعمال واحد من بنك واحد ونهبه وتوقف عن سداده للبنوك لاضطرت البنوك الى التفاوض معه. فلتحملوا عن الغارمين ديونهم وتقفوا الى جانبهم وتتفاوضوا معهم بضمان جمعيات المجتمع المدني التي تصرف تبرعات الناس في إطعام الفقراء الذين سجن عائلهم، ونتجه في غرم عائلهم، كما أن وزارة الداخلية تتكلف من موازنتها نظير إطعام وإعاشة هؤلاء المسجونين. أفلا تنفق عليهم من الإنفاق العام للدولة مئات الملايين؟ فلنوفر هذا العبء في مقابل سداد الداخلية 10 في المئة فقط من قيمة الديون الإجمالية للغارمين وتذهب هذه القيمة للجمعيات الأهلية تحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي لتقيم مشروعات صغيرة لتشغيل هؤلاء لتوفير آلية لاستكمال السداد. أنت تعلم يا رئيس كل المصريين أن شريعة الإسلام تقف الى جانب الغارم ما دامت استدانته في غير معصية، ولا تكلفه بيع حوائجه الأصلية ليسدد ما عليه، ويعيش محروماً من كل أثاث ومتاع ليليق بمثله. كلا! هذه هي شريعة الإسلام شريعة العدل والرحمة، لا نريد من رؤسائنا أن يكونوا مثل أُولئك الأكابر، بل نريد منهم النظر إلى شباب مصر وآرائه ومبادرته، وأن يتقوا الله في المال العام، وبدلاً من الإنفاق على الولائم الدسمة والسيارات الفارهة، والمكاتب الفاخرة، والأحفال المبالغة، وغيرها من الاستقبالات الباهرة، التي تتكلف بالملايين ولا مسوغ له، فأولى بها الفقراء والغارمون. فأين عدالة الإسلام وما زلنا نرى جهات ينفق فيها المال العام بغير حساب، ومن دون تقييد، ولا يكادُ سائلها أحد، مثل الإعلام، والرياضة، بما فيها أمن الحاكم وجماعته، في حين يقتتر كل التقتير، وتضيق أشدُ التضييق على جهات أخرى، مثل التعليم والصحة والمواصلات والخدمات الأساسية للجمهور. إن الشرع يوجب الموازنة بين المصالح، وتقديم الضروري على الحاجي وتقديم الحاجي علي التحسيني، وتقديم ما يخدم الجمهور الأعظم من الناس على ما يخدم فئة محدودة، وما فيه مصلحة الفقراء والمُستضعفين على ما فيه الكبراء والموسرين. * وكيل مؤسسي حزب البيت المصري