تواجه الدنمارك خطر الإطاحة ببنية الاستثمارات العقارية من أسواقها، على رغم أنها من الدول الأوروبية القليلة التي تحافظ على درجة تصنيف ائتماني ممتازة «AAA»، كما أن مردود سندات الخزينة التي تصدرها الحكومة والتي تستحق بعد 10 سنين يعتبر أفضل من مردود سندات الخزينة الألمانية الذي يرسو على فائدة تعادل 1.28 في المئة مقارنة بأكثر من 1.49 في المئة للسندات الدنماركية. ويبلغ معدل البطالة في الدنمارك 4.6 في المئة، في حين أن نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي تبلغ 45.6 في المئة والتضخم يرسو على 1.2 في المئة. كل ذلك يشير إلى أن النموذج الاقتصادي الدنماركي «مثالي» لولا فجوة مقلقة بدأت تظهر في القطاع العقاري. وأكد بعض محللي الاستثمارات الخارجية السويسرية أن المعطيات الاقتصادية الرسمية الدنماركية تعمل على تعتيم وقائع أسواق العقار الداخلية التي تعيش حالاً من التوتر. وشهدت الدنمارك عام 2003 ولادة فقاعة عقارية خلفت منذ عام 2008 كارثة في أسعار العقارات التي تراجعت العام الماضي أكثر من 20 في المئة. وبدأت هذه الفقاعة عندما روّجت المصارف لأحد القروض العقارية المعروف ب «اينتيريست أونلي»، وينص على أن المتقدمين بطلبات القروض يدفعون خلال السنوات الأولى الفوائد فقط، أما الرأس مال الحقيقي للقروض فتدفع بعد سنوات عدة. وبالطبع كان الإقبال على هذا النوع من القروض الخيالية والمريحة كثيفاً جداً خصوصاً من قبل الطبقات الوسطى وما دون. وأفاد محللون بأن ترويج هذا النوع من القروض العقارية الميسرة جداً ساعد في زيادة حجم الدين الذي يعادل 322 في المئة من دخل الأسر السنوي، كما أنه يُعتبر غير قانوني في دول عدة من ضمنها سويسرا. وتسدد هذه القروض عبر أقساط بسيطة خلال السنوات الأولى، وسرعان ما تتحول إلى أقساط ثقيلة نسبياً تشكل عبئاً حقيقاً تدفع المقترضين إلى الانسحاب والمصرف إلى مصادرة العقارات. وبدأ المستثمرون السويسريون الانسحاب تدريجاً من الأسواق العقارية الدنماركية بأي ثمن، كما أن صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي ووكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد أند بورز» والشركات الاستثمارية السويسرية ينظرون بحذر شديد إلى ما يحصل في الدنمارك حيث تستأثر قروض «اينتيريست أونلي» بنحو 56 في المئة من إجمالي القروض العقارية. يذكر أن قيمة أسواق القروض العقارية الدنماركية تبلغ 500 بليون دولار. ويتجاوز عدد الحاصلين على هذا النوع من القروض والذي يعجزون عن تسديد الأقساط بانتظام ال 100 ألف حالياً، وخوفاً من انهيار بعض المصارف الدنماركية المهمة، التي رفعت سقف ضمانات هذه القروض إلى أكثر من 200 بليون دولار، قرر المستثمرون السويسريون الانسحاب من كل أنواع الاستثمارات العقارية في الدنمارك.