تعرب الحكومة وأصحاب العمل في ألمانيا عن ارتياح إلى تحوّل ألمانيا شيئاً فشيئاً إلى بلد جاذب للمهاجرين، خصوصاً أصحاب الكفاءة. وتبعاً للإحصاءات الرسمية التي نشرت أخيراً، دخل ألمانيا نهاية العام الماضي 1.081 مليون مهاجر، وهو رقم غير مسبوق منذ 17 سنة، ويزيد بنسبة 13 في المئة عن 2011. وشمل الداخلون 115 ألفاً من الألمان العائدين. وفي الفترة ذاتها غادر ألمانيا نحو 712 ألف شخصاً، بزيادة خمسة في المئة عن العام السابق، ما يعني أن الفائض بلغ 369 ألفاً، وهو الأعلى منذ 1995. وعقّبت وزيرة العمل الألمانية أورزولا فون در لاين، على الأرقام فرأت أن بلدها «محظوظ»، مشيرة إلى أن الأهم من العدد «هو النوعية الجيدة» للمهاجرين الجدد، مؤكدة «أن هؤلاء سيربحون عملاً، فيما ستربح ألمانيا عمالاً جدداً يحتاجهم اقتصادها». وذكر وزير الاقتصاد فيليب روسلر، أن الأرقام تثبت «أن ألمانيا كمحرّك للعمالة والنمو، تجذب حالياً العديد من الأيدي العاملة من أوروبا والعالم». وحضّ مواطنيه «على تنمية ثقافة الضيافة». ورأت رئيسة مجلس خبراء الاندماج والهجرة كريستين لانغنفلد، أن ألمانيا «تتحول إلى بلد جاذب لليد العاملة المؤهلة جيداً»، وللمهاجرين الشبان عموماً حيث يأتي 70 في المئة منهم من دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً المتعثرة منها، حيث البطالة مرتفعة جداً كما هي الحال في إسبانيا واليونان والبرتغال. ورحّب أصحاب العمل الألمان بارتفاع عدد المهاجرين مشيرين إلى أهمية جذب القوى العاملة المدربة للحفاظ على النمو الاقتصادي والازدهار في البلد. وأظهرت دراسة أعدها باحث في معهد بحوث سوق العمل «إي أي بي»، هيربرت بروكر، بتكليف من مؤسسة «بيرتلسمان»، أن 43 في المئة من المهاجرين الجدد الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة، «يجيدون حرفتهم أو لديهم شهادات تعليم جامعية أو فنية، في ما لا تتجاوز نسبة هؤلاء بين الألمان غير المنحدرين من أصول مهاجرة 26 في المئة». وبيّنت الدراسة، التي نُشرت نتائجها أخيراً، أن هيكلية المهاجرين في ألمانيا ومؤهلاتهم «تغيرت في شكل جذري خلال الأعوام العشرة الماضية». وفيما لا يزال الرأي العام الألماني «يعتقد أن المهاجرين ينحدرون من شعوب وبلدان ذات مؤهلات متواضعة، فإن تغيّراً حدث بالفعل في تركيبة المهاجرين» وفق الدراسة. وحضّت مؤسسة «بيرتلسمان» الحكومة الألمانية على إعادة هيكلة استراتيجيتها إزاء المهاجرين. وقال عضو مجلس الإدارة في المؤسسة، يورغ دريغر إن ألمانيا «ستحتاج في المستقبل إلى مزيد من المهاجرين المؤهلين في شكل غير مسبوق، ومن خارج الاتحاد الأوروبي أيضاً»، محذراً من الاعتماد على الهجرة القائمة فقط من الدول المتأزمة اقتصادياً في جنوب أوروبا. وأعلن رئيس مجلس إدارة الوكالة الاتحادية للعمل في نورمبورغ، رايموند بيكر، أن الوكالة تعمل في صورة هادفة لجذب اليد العاملة المؤهلة إلى ألمانيا. ولفت «إلى أننا لا نكبر في السن باستمرار فقط، بل ويقل عددنا باستمرار كذلك»، في إشارة منه إلى الانخفاض المستمر في عدد السكان الألمان بفعل تراجع الولادات المستمر، وبالتالي في اليد العاملة مستقبلاً.