أمضى حسن المسلح في «حزب الله»، ثلاثة أيام في المعارك التي يخوضها الحزب إلى جانب القوات النظامية السورية في القصير وسط سورية. ويقول بعد عودته إلى مسقط رأسه بعلبك في شرق لبنان إن عناصر الحزب تقدموا في اتجاه الجزء الشمالي من المدينة، قبل أن يخرج مقاتلو المعارضة من الأنفاق ويبدأوا بإطلاق النار عليهم. وعاد حسن (18 سنة) إلى بعلبك الأربعاء ليكتشف أن والده علي (43 سنة) الذي انتقل للقتال مع الحزب في القصير في اليوم نفسه، قضى في المعارك مصاباً برصاصتين في الصدر. ويقول حسن مرتدياً زيه العسكري وهو يحمل سلاحه ويلف عنقه بوشاح الحزب «في اليوم الأول، تقدمنا في الأزقة تجاه وسط القصير، لكن ما لبث المسلحون أن هاجمونا من الخلف». يضيف «لم نلمح أي مقاتل (من المعارضة السورية)، وتكون لدينا انطباع انهم غير موجودين (...) بعدما اجتزنا ثلثي المدينة متجهين إلى شمالها، خرجوا من الأنفاق وبدأوا بإطلاق النار علينا. خسرنا عدداً من العناصر والجرحى، كلهم أصيبوا برصاصات في الظهر». ومنذ الأحد، يشارك الحزب الحليف لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، في اقتحام قوات هذا الأخير لمدينة القصير التي تُعد معقلاً لمقاتلي المعارضة في محافظة حمص (وسط) على مقربة من الحدود اللبنانية، وذلك بعد اشهر من قتاله في ريف المدينة. ووفق مصدر مقرب من الحزب، قسم المقاتلون إلى 17 فرقة تضم كل منها 100 عنصر من الحزب، اقتحمت القصير من الجهات الشرقية والجنوبية والغربية. وتعد المدينة التي يقطنها نحو 25 ألف نسمة، أساسية بالنسبة لمقاتلي المعارضة لوقوعها على خط إمداد رئيسي من المناطق ذات الغالبية السنية في شمال لبنان، والمتعاطفة مع المعارضة السورية. كما تشكل القصير نقطة محورية للنظام لكونها صلة وصل أساسية بين دمشق والساحل السوري ذي الغالبية العلوية، الأقلية الدينية التي ينتمي إليها الرئيس الأسد. ويضيف حسن أن مقاتلي المعارضة السورية «كانوا بالمئات ومنظمين ومسلحين بشكل كبير. استخدموا رصاصاً متفجراً، وتطلب القضاء عليهم وقتاً». ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد الحزب 104 مقاتلين منذ بدء مشاركته في المعارك في سورية قبل ثمانية اشهر، في حين قالت مصادر مقربة من الحزب إن الحصيلة هي حوالى 75 عنصراً في المدة نفسها. لكن المسؤول الإعلامي في الحزب إبراهيم الموسوي نفى لوكالة «فرانس برس» صحة هذه الأرقام، من دون أن يقدم حصيلة لعناصر الحزب الذين سقطوا في سورية. وأقر الأمين العام للحزب حسن نصرالله أن عناصر من الحزب يقاتلون في القصير، مشدداً على أن هؤلاء يقومون ب «الدفاع» عن قرى سورية حدودية يقطنها لبنانيون شيعة. كما قال إن عناصر آخرين يتولون حماية مقام السيدة زينب قرب دمشق. وعن المعارك في القصير، يقول حسن «كان علينا تفتيش كل منزل أو تدميره. بعض الأنفاق دمرت لكن عدداً منها ما زال موجوداً ويتحصن فيها المسلحون». ويوضح أن المهمة الأصعب للحزب في هذه المرحلة هي السيطرة على شمال المدينة حيث يتحصن مقاتلو المعارضة، اضافة إلى عدد كبير من المدنيين الذين لم يغادرونها. ويشير إلى أن «السيطرة على هذا القطاع قاسية وصعبة. ثمة قناصة في كل مكان». ويضيف بحزم «سيكلفنا الأمر الكثير، لكننا سنسيطر عليه». وتوفي والد حسن في اليوم الأول من المعارك. ويقول حسن «لم نكن في المكان نفسه، لكن يمكنني القول إنني شعرت بحدس ما، بثقل يطبق على صدري. كنت افكر به طوال الوقت»، قبل أن يذرف دموعه. إلا انه يستعيد سريعاً رباطة جأشه «يجب أن نكون أقوياء. بات لزاماً علي الآن الاهتمام بوالدتي وشقيقتي، قبل العودة إلى القتال لإنجاز ما بدأناه». وفي المنزل، تستذكر أم حسن (45 سنة) مغادرة زوجها وولدها إلى القتال. وتقول «عندما ترك زوجي المنزل، لم اقل له إلى اللقاء»، وكأن حدسها دفعها إلى الشعور بأنها لن تراه مجدداً. وتشدد الزوجة على أن «القتال في القصير اليوم اهم بكثير من القتال ضد إسرائيل، لأن ثمة العديد منهم (مقاتلو المعارضة السورية) من جنسيات أجنبية، وهم أعداء اخطر من إسرائيل». ووفق النظام السوري، يشارك مقاتلون من 28 بلداً إلى جانب مسلحي المعارضة في النزاع المستمر منذ اكثر من عامين، وأدى إلى مقتل 94 ألف شخص. وتضيف أم حسن «زوجي ذهب ليقاتلهم هناك قبل أن يهاجمونا في لبنان. نحن لا نقاتل السوريين، بل الأعداء الموجودين في سوريا».