انتقدت المعارضة الكردية أداء برلمان إقليم كردستان بالتزامن مع ذكرى خوض أول انتخابات برلمانية في إقليم كردستان، واتهمته بالخضوع لسيطرة «المبدأ الحزبي الضيق»، فيما أكد نائب عن كتلة الحزبين الرئيسين في البرلمان أن الأخير يعاني من كثرة القوانين المعروضة للتشريع. واحتفل برلمان الإقليم قبل أيام بذكرى إجراء أول انتخابات تشريعية عام 1992، وسط انتقادات بعدم ارتقاء أدائه في الجانب الرقابي إلى مستويات مقنعة، واتهامات للمعارضة بسيطرة كتلة الحزبين الرئيسين على قرارات تمرير القوانين «ذات الأبعاد الوطنية» من دون حصول إجماع وطني خصوصاً على مسودة دستور الإقليم، فيما ينتظر إجراء الانتخابات المقبلة في 21 أيلول (سبتمبر) المقبل. وقال النائب عن كتلة «التغيير» أكبر كتل المعارضة في برلمان الإقليم، عبدالله ملا نوري، ل «الحياة»، إن «دور البرلمان منذ تأسيسه كان ضعيفاً، ولم يرتقِ إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه من حيث إصدار التشريعات، أو في مراقبة أداء الحكومة، خصوصاً في مسألة الرقابة، إذ لم يتمكن من سحب الثقة في أي وزير طوال تاريخه». وأضاف «طوال 21 عاماً من عمر البرلمان كانت سيطرة الحزب واضحة، وكان وسيلة وأداة بيده، وبدلاً من أن يمثل الشعب، مثل إرادة الحزب، أي أنه مثل مصالح حزبية ضيقة»، واستدرك «لكن أعتقد أن الدورات المقبلة ستحسن من أداء البرلمان، وقد تحل بعض الإشكالات، وسيأخذ دوره الحقيقي في شكل أفضل من المراحل السابقة». وتعرض البرلمان إلى انتكاسة وانقسام عقب اندلاع الحرب الأهلية بين حزبي «الديموقراطي» بزعامة مسعود بارزاني و «الاتحاد الوطني» بزعامة الرئيس جلال طالباني عام 1994، أسفرت عن إقامة حكومتين في السليمانية وأربيل، قبل أن تنتهي القطيعة إثر وساطة أميركية عام 1998. وقال النائب البارز عن الحزب «الديموقراطي الكردستاني» عبدالسلام برواري ل «الحياة»، إن «عمر البرلمان يجب حصره بين عامي 1992 - 1994، ثم ابتداء من 2002 بعد جمع شمله، وهذه التجربة الوليدة كانت متأثرة بالممارسة الانتخابية إبان النظام السابق، وكنا مجبرين قبل عام 2003 على التعامل مع مجموعة من القوانين التي تتناقض والعملية الديموقراطية، وصدرت تشريعات وألغيت بعض قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وتم خلالها ملء الفراغ القانوني»، معتبراً أن «بروز المعارضة عقب عام 2009، كان تغييراً نوعياً، لكن أعتقد أن دورها كان إن لم أقل سلبياً، فلم يكن إيجابياً، إذ كان التصور بتقديم المزيد من مشاريع القوانين يدل على نشاط الكتلة المعنية، خصوصاً أن كتلة التغيير المعارضة سبق وأكدت أنها ستمطر البرلمان بجملة من مشاريع القوانين، ونحن نعاني من كثرة القوانين المعروضة والتي تنتظر الإقرار، وأحياناً بعض القوانين التي تكون لمصلحة المواطن تكون ضحية لهذه الظاهرة». وأوضح برواري أن «التجربة كبداية تبدو جيدة، فهي أكثر تطوراً من بعض دول المنطقة التي لها الأسبقية والخبرة في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «وجود محاولات لإعداد نظام داخلي نتيجة الخبرة المتراكمة عن التجربة الماضية، سيعطي دفعة نحو مزيد من التطور في الأداء، منها إشراك المعارضة في رئاسة البرلمان، وإعطاء المزيد من الحريات للجان»، واختتم بأن «النقطة الأهم هي اتخاذ الأحزاب السياسية قرار المشاركة بقائمة منفردة في الانتخابات المقبلة، والتي تعطي الناخب الحرية في الاختيار». وأعلن البرلمان بالمناسبة عن الانتهاء من ترميم قاعة الجلسات، بعد ثلاثة شهور من العمل، بكلفة خمسة بلايين دينار عراقي، من موازنته الخاصة، وفق «تصاميم حديثة وباستخدام التكنولوجيا، لترقى إلى مستوى قاعات البرلمانات المتطورة». ويشكل إقرار دستور إقليم كردستان حجر الزاوية في عمل البرلمان الكردي الذي لم ينجح حتى الآن في الاتفاق على مسودة نهائية للدستور وموعد للاستفتاء عليه. وتطالب المعارضة الكردية بإعادة مسودة الدستور إلى البرلمان لإجراء تعديلات عليه، وتؤكد في بيان أن «البرلمان أقر المسودة وسط صراع سياسي حاد وانتقادات الجماهير، ومن الضروري إعادتها لتعديلها، لا سيما الفقرات التي تمس القضايا القومية والوطنية العامة»، وأضاف أن «المتغيرات الداخلية وفي المنطقة تتطلب مراجعة المسودة، وإجراء تعديلات على المواد والفقرات غير الواضحة، والتي تتناقض مع بعضها بعضاً، خصوصاً تلك الخاصة بطبيعة نظام الحكم في الإقليم». وانضم حزب الرئيس العراقي جلال طالباني «الاتحاد الوطني الكردستاني» إلى أحزاب المعارضة في الدعوة إلى تعديل مسودة الدستور قبل طرحها على الاستفتاء. وقال في بيان إنه: «يؤيد تعديل مسودة الدستور في ظل توافق وطني، ومسألة انتخابات رئاسة الإقليم مرتبطة بطبيعة هذا الدستور»، مشيراً إلى أن «القيادة أكدت ضرورة مشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة بقائمة منفردة، على أساس القائمة المفتوحة التي تمنح الناخبين الحرية في اختيار مرشحيهم الحقيقيين». وشدد البيان على «ضرورة تحسين الاتصالات مع حركة التغيير المُعارضة بالاعتماد على اتباع سياسة أكثر انفتاحاً مع أقطابها والقوى الأخرى، وإنهاء الركود السياسي بين الأطراف وتصحيح مسار العلاقات».