وصلت الشابة السعودية رها محرق (27 عاما) ضمن فريق يضم 64 متسلقاً إلى قمة جبل ايفرست والتي تعد الأعلى في العالم، فاعتبرت العربية الأصغر سناً والسعودية الأولى. حققت نجاحاً شخصياً كونه من أشق المهام، وإنجازاً رمزياً لامرأة سعودية يمكنها أن تتخطى أي عقبات قد تعترض طريقها حتى تصل إلى هدفها مهما ارتفع سقفه أو بعدت مسافته. ففي تسلق الجبل رحلة تحد، واختبار للعزيمة، والإرادة، والإصرار، وانتصار لروح الإنسان. قصة «ملهمة» تسلط الضوء على ما يمكن أن تحققه النساء اللواتي تفرض عليهن كثير من القيود تحد من حرياتهن وإبداعهن لكنهن ينتصرن عليها بطريقتهن الخاصة. ولم يأت إنجاز رها من فراغ بل كان نتاج أسلوب حياة دعمته عائلتها منذ الصغر من خلال أنشطة تُخرج الإنسان إلى العالم الحقيقي ومنها ممارسة الرياضات المختلفة كركوب الخيل والغوص وكرة الطائرة وتسلق الصخور، إضافة إلى حبها للمغامرة، كما قالت في حديثها لمجلة «لها» في آذار(مارس) 2012، حيث حكت أيضاً عن ممانعة والدها لمشاركتها في رحلة تسلق أعلى قمة إفريقية والتي تحولت إلى رضا بسبب ثقته الكبيرة بها. وتظهر نماذج لشابات يكسرن الحواجز ليحققن حلماً أو رغبة أو شغفاً بأمر ما، فيسطرن قصص نجاح يقلن فيها: «باستطاعتك، وبإمكانك، وبمقدرتك إن أردت». ففريق «كليمنجارو» ضم عدداً من الشابات السعوديات صعدن لأعلى قمة في أفريقيا ضمن حملة جمع تبرعات لإنشاء أول مركز للكشف المبكر عن السرطان في المنطقة الشرقية، و»رحلة نساء: جبل ايفرست» ضمت 10 سعوديات وصلن إلى معسكر «بيس كامب» وهدفت إلى تشجيع النساء للحفاظ على أسلوب حياة نشط وصحي من أجل الوقاية من سرطان الثدي. وغيرهن ممن أسسن فرقاً نسائية أو احترفن مجالات رياضية أخرى وجدن فيها متعة شخصية ومارسن من خلالها أسلوب حياة صحياً. من المفارقات أن تصل أصغر امرأة عربية وهي سعودية إلى أعلى قمة في العالم، وتبرز أسماء سعوديات أخريات في نشاطات رياضية أخرى من دولة ما زالت الرياضة النسائية فيها لا تدعم رسمياً، وتمارس بشكل غير نظامي، ولا تعتبر جزءاً أساسيا من مراحل التعليم. فالمجتمع يفرض قيوداً شديدة على الرياضة النسائية، ولا يمكن للفتاة العادية أن تمارسها بإمكانات بسيطة، أو تحترفها إن لم يتوافر لها الدعم المادي والأسري. ولم تقر الرياضة المدرسية، والتي حصرت في المدارس الأهلية، إلا قبل أيام قليلة من خبر وصول أول امرأة سعودية لأعلى جبل في العالم! من درس أو عمل في مدارس أهلية يعلم تماماً أن الفتيات كن يمارسن فيها الرياضة بحسب حجم وإمكانات كل مدرسة. فلقد كانت مدرسة «دارالحنان» في جدة، على سبيل المثال، تهتم بالرياضة المدرسية للبنات وتخصص لها وقتاً من الجدول الأسبوعي للطالبة. وكانت فيها ملاعب لممارسة مختلف أنواع الرياضة، ولا تزال المدارس الأهلية حتى اليوم تسمح لطالباتها بالأنشطة الرياضية وإن كانت خجولة. القرار لن يضيف كثيراً إلى المدارس الأهلية التي تشكل بعض طالباتها اليوم الفرق الرياضية النسائية سواء في كرة القدم أم السلة أم حتى متسلقات الجبال. فإن أردنا الاهتمام بالرياضة المدرسية لابد أن تشمل المدارس الحكومية التي تضم فئات المجتمع المختلفة لتتوافر لهن الفرصة بأن ينشأن بشكل صحي، ويستفدن من إيجابيات الرياضة البدنية والنفسية، فتتفتح فيهن مواهب أو تكتشف فيهن قدرات يمكن دعمها وتنميتها من سن صغيرة. أسماء سعوديات تبرز دولياً ومحلياً سمحت لهن الظروف والإمكانات بأن يتعرفن على شغفهن ويحققن أحلامهن، لكن هناك آلاف غيرهن لا تتوافر لهن مقومات مشابهة، وقد لا يعرفن أنهن يمتلكن مواهب أو قدرات لأنهن محرومات من فرص قد تخلقها الأسرة أو المدرسة أو حتى الأندية النسائية غير النظامية. فهل نؤسس لأجيال تحتاج الرياضة كعامل مهم يسهم في التطور الأكاديمي والعاطفي والبدني والمعنوي، ويتيح المجال للتعرف على القدرات الفردية للإنسان فيمكنه من استخدام كامل إمكاناته؟ [email protected] @daliagazzaz