اندلعت أمس في عين العرب (كوباني) الكردية شمال سورية وقرب حدود تركيا، أعنف المعارك بين تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذي يحاول منذ أكثر من شهر السيطرة على المدينة ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية الذين يقاومون بضراوة، مدعومين من طائرات التحالف الدولي - العربي التي تواصل غاراتها على مواقع التنظيم. ونفذت مقاتلات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة ليل السبت - الأحد ثلاث غارات في عين العرب ومحيطها، ما تسبب بمقتل 15 عنصراً من «داعش»، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان». على رغم ذلك، تمكن التنظيم من التقدم قليلاً في اتجاه وسط المدينة، بينما كان المقاتلون الأكراد ينجحون في استعادة بعض المواقع لجهة الشرق. وأشار «المرصد السوري» إلى أن تنظيم «الدولة الإسلامية» تعرض لخسائر فادحة خلال الأيام الأخيرة. وأورد أن جثث ما لا يقل عن سبعين مقاتلاً من التنظيم وصلت تباعاً خلال الأيام الأربعة الفائتة إلى المستشفى الوطني في مدينة تل أبيض في محافظة الرقة (شمال). وقد لقي هؤلاء مصرعهم خلال المعارك مع «وحدات حماية الشعب» في عين العرب. وقتل في معارك السبت والأحد، بحسب «المرصد»، 16 عنصراً من «الدولة الإسلامية» وسبعة مقاتلين أكراد. وأكد مسؤول كردي محلي في عين العرب إدريس نعسان في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» في تركيا أن تنظيم «الدولة الإسلامية استقدم مزيداً من التعزيزات إلى المدينة»، مشيراً إلى «أنهم يهاجمون بضراوة، ولكن بفضل الضربات الجوية ورد المقاتلين الأكراد، لم يتقدموا». وأفادت مصادر داخل مدينة عين العرب أمس أن المدينة شهدت أعنف قتال منذ أيام الليلة الماضية. وقال «المرصد» التنظيم الذي يسيطر على أجزاء كثيرة من سورية والعراق أطلق 44 قذيفة على المناطق الكردية في المدينة أمس السبت وإن بعضها سقط داخل أراضي تركيا. وأضاف أن أربع قذائف أخرى أطلقت اليوم الأحد. وتتفاوت حمية القتال المستمر في كوباني بين الصعود والهبوط منذ شهر. وكان الأكراد حذروا قبل أسبوع من أن سقوط المدينة في قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» بات وشيكاً. وقال عبد الرحمن جوك وهو صحافي في عين العرب: «شهدنا أعنف اشتباكات منذ أيام وربما منذ أسبوع الليلة الماضية. هاجمتنا (الدولة الإسلامية) من ثلاث نواح مختلفة من بينها ناحية مبنى البلدية والسوق. وتابع: «استمرت الاشتباكات حتى الصباح. قمنا بجولة بالمدينة في الصباح الباكر ورأينا الكثير من السيارات المحطمة في الشوارع وقذائف المورتر التي لم تنفجر». وذكر «المرصد» أن «داعش» شن هجومين بسيارتين ملغومتين مستهدفاً مواقع كردية مساء السبت ما أسفر عن سقوط ضحايا. وتصاعدت سحابة من الدخان الأسود في سماء كوباني أمس. وقالت مقاتلة في «وحدات حماية الشعب» السورية الكردية طلبت عدم نشر اسمها إن المقاتلين الأكراد تمكنوا من تفجير السيارتين الملغومتين قبل أن تصلا إلى أهدافهما. وأضافت: «كانت هناك اشتباكات ليلة أمس في كل أنحاء كوباني... وما زالت الاشتباكات مستمرة هذا الصباح» (أمس). وتجري معركة عين العرب تحت نظر العالم بأسره، وتلقى اهتماماً من كل وسائل الإعلام في المنطقة والعالم. ودخل عناصر «داعش» المدينة في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وباتوا يسيطرون على حوالى خمسين في المئة من مساحتها، يتقدمون بضعة أبنية أو يتراجعون منها بشكل يومي، بحسب سير معارك الشوارع التي يتميز بها المقاتلون الأكراد، بحسب خبراء. وفي حال استولوا عليها بكاملها، فسيسيطرون على شريط حدودي طويل على الحدود مع تركيا. وكانوا منذ بدء هجومهم في اتجاه عين العرب في 16 الشهر الماضي، سيطروا على مساحات شاسعة في محيط المدينة تضم عشرات القرى والبلدات. وتسببت المعارك بنزوح أكثر من 300 الف شخص، عبر أكثر من مئتي ألف منهم الحدود إلى تركيا. إلا أن مئات المدنيين لا يزالون في المدينة، إما عالقين بسبب المعارك، وإما رافضين لمغادرتها. في شمال شرقي البلاد، قال «المرصد» أمس إن «الاشتباكات تجددت بين وحدات حماية الشعب الكردي من جهة وتنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة أخرى في منطقتي الراوية والدهماء في الريف الغربي لمدينة رأس العين (سري كانييه) ومعلومات عن خسائر بشرية من الطرفين. كما دارت اشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بجيش الكرامة التابع لحاكم مقاطعة الجزيرة حميدي دهام الهادي على الطريق الواصلة بين قريتي القادسية ومستريحه بالقرب من منطقة جزعة، ما أدى لتدمير آلية للتنظيم، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».