بدأت الحكومة السودانية حملة عسكرية واسعة النطاق على المناطق التي تسيطر عليها الحركات المسلحة في دارفور ومتمردي «الجبهة الشعبية - الشمال» في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وسط تقارير عن تحسب السلطات لمفاجآت للمتمردين في شمال البلاد ووسطها. وقال الرئيس السوداني عمر البشير أن بلاده «ماضية في مسيرتها بقوة وإصرار حتى يتحقق النصر لقواتها المسلحة التي ستجد كل دعم وسند لتحرير كل شبر دنسه المتمردون». وأضاف أمام العاملين في وزارة شؤون مجلس الوزراء إن «كل قوى الشر في العالم تتآمر على السودان، لكن المؤامرات التي تحاك ضد السودان سيخرج منها أكثر قوة وعزيمة وإصراراً». وأضاف أن «السودان دولة مبادئ، وقوى الشر تستهدفنا في مبادئنا الأساسية ومواقفنا السياسية ولكننا سنظل على مبادئنا ومواقفنا. سبق وحاربناهم ومررنا بظروف أصعب من الحالية وتجاوزناها». ووعد الناطق باسم الجيش الصوارمي خالد سعد ب «انتصار كبير» على تحالف متمردي «الجبهة الثورية»، مؤكداً أنه «سيكون نصراً ساحقاً يدمر المتمردين الذين ارتكبوا جرائم وفظائع ضد المدنيين العزل والأبرياء». وأضاف إن «ساعة الحسم اقتربت كثيراً في المواقع كافة التي ظن متمردو الجبهة الثورية وغيرهم من العملاء والمأجورين أنهم سيمكثون بها طويلاً، وهناك أنباء سارة سيسمعها الشعب السوداني قريباً جداً»، مشيراً الى أن «الجيش ماضٍ في تطهير البلاد من كل متمرد ونقول لهم إن ساعة الحقيقة قد دنت». وزار وزير الدفاع عبدالرحيم حسين ومدير جهاز الأمن محمد عطا مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بعد معلومات عن تخطيط المتمردين للهجوم عليها. وأكد حسين أن القوات الحكومية «تعمل بتنسيق تام وتنفذ خططها الأمنية بصورة دقيقة، مما فرض واقعاً أمنياً حسناً في نيالا وغيرها من المدن». وأفاد بأنهم وقفوا خلال زيارتهم ولاية جنوب دارفور على ترتيبات اتخذتها السلطات لتأمين مدينة نيالا وما حولها، «ما انعكس بصورة إيجابية على الأوضاع في المنطقة». وتحدث عن تنسيق بين الجيش والشرطة وجهاز الأمن لترتيب الأوضاع في نيالا، مؤكداً أن «الأوضاع في المدينة مستقرة وحركة المواطنين تسير بصورة طبيعية، والأوضاع الأمنية في الولاية في تحسن مستمر». وأكد حاكم ولاية شمال دارفور عثمان يوسف كبر محاصرة الجيش متمردي «حركة العدل والمساواة» في منطقة أم كتكوت وجبال أم كركور وما حولهما في وسط ولايته. وقال انه ناقش مع رئيس السلطة الإقليمية في دارفور التجاني السيسي نشاط متمردي «العدل والمساواة» في الولاية وتوجههم إلى المناطق الجنوبيةالشرقية منها، مشيراً إلى أن «قوات التمرد تتمركز حالياً في المنطقة الوسطى من الولاية». وأكد «قدرة الجيش على التصدي للمتمردين ودحرهم». وتوقع نشوب صراع عرقي داخل «العدل والمساواة» بزعامة جبريل ابراهيم بعد اغتيال زعيم المجموعة التي وقعت اتفاق سلام مع الحكومة في الدوحة محمد بشر ونائبه اركو سليمان ضحية أخيراً. وفي دنقلا عاصمة الولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية أكد حاكم الولاية ابراهيم الخضر أن ولايته «مستعدة ومتأهبة لكل الاحتمالات وتتناوب السلطات الأمنية الحراسة في مداخل المدن وتجري استطلاعات في الصحراء». وقال للصحافيين عقب اجتماعات أمنية مغلقة حضرها رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر الذي سجل زيارة تعبوية للولاية، إن «الاجتماع اطمأن على وجود ترتيبات أمنية واستعدادات عسكرية وسياسية في محافظات الولاية، وفتح معسكرات لتدريب المتطوعين على حمل السلاح». ونفى وجود تجمعات للتمرد عند حدود الولاية مع شمال كردفان ودارفور، موضحاً أنه «كانت هناك احتمالات بوجود متمردين في منطقة وادي هور في شمال دارفور، وبعثنا بطلائع واستطلاعات لم يجدوا شيئاً». وأضاف: «لعلهم سمعوا بأن قوات الولاية آتية فرجعوا إلى مثواهم»، مشيراً الى أن لا أدلة على تحضيرات للهجوم على ولايته. وفي الخرطوم، كشفت تقارير شبه رسمية ان أجهزة الأمن رصدت خلال الفترة الماضية «بعض الجماعات التي كانت تنوي القيام بأعمال تخريبية وسط العاصمة، مستغلة وجود أزمة وتحريض المواطنين على الاحتجاج حتى تكون شرارة تحدث فوضى وبلبلة وسط الخرطوم». وأضافت أن «لجنة أمن ولاية الخرطوم وضعت خططاً لتأمين العاصمة وتنشيط الأجهزة الأمنية للقضاء والترصد والتحسب لأي خلايا مناهضة للحكومة»، مؤكدة «يقظة الأجهزة الأمنية التي تقوم بعمليات تمشيط كاملة للمناطق كافة، خصوصاً الطرفية منها عبر فرق أمنية مشتركة بين الشرطة والأمن». من جهة أخرى، جددت محكمة وسط الخرطوم حبس مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله قوش وأربعة آخرين حتى الأحد المقبل بناء على طلب تقدمت به لجنة التحقيق لإعادة إستجواب المتهمين بالمشاركة في محاولة لإطاحة نظام الحكم أعلنت السلطات إحباطها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال رئيس هيئة الدفاع عن قوش المحامي نبيل أديب إنه «حتى الآن ليست هناك بنية قانونية تؤدي إلى إدانته»، واصفاً القضية بأنها «مسألة سياسية أكثر من كونها قانونية، ولم تصل بعد إلى مرحلة المحاكمة لعدم توجيه لجنة التحقيق والاتهام أي تهمة». ورأى أن «ما يجري هو أن لجنة التحقيق والاتهام تحاول إيجاد تهمة»، مؤكداً ان المتهمين «لم يرتكبوا أي عمل مخالف للقانون، وليست هناك بينة في مواجهتهم». ورأى أن الادعاء «لن يستطيع توجيه أي تهمة قانونية ضد قوش ومجموعته»، واصفاً الاجراءات بأنها «زوبعة في فنجان». وكان البشير أصدر قراراً بالعفو عن منسوبي الجيش والأمن المتهمين في المحاولة الانقلابية بعدما دانتهم محكمتان وقضت بسجنهم وطردهم من الخدمة العسكرية.