سينتهي برنامج «آراب أيدول» قريباً ويعلن اسم الفائز. قد لا يبدو أن التكهن به من لوازم هذه الصفحة، فالمفاجآت أكثر من أن تعد وتحصى، ولكن يبدو لافتاً وجود المتسابق الفلسطيني محمد عساف بين مجموعة لا بأس بها من المواهب الغنائية الشبابية. بالنسبة الى المتسابقين والمتسابقات يبدو طبيعياً خروج (او بقاء) البعض حتى التصفيات النهائية. والأكيد أن المشاركين والمشاركات سيجدون أماكن طبيعية في بلادهم للعودة إليها. وربما تنشغل بهم شركات الإنتاج الفنية، وتؤمّن مستويات احترافية ومهنية لهم تتساوق مع الشهرة التي أتاحها لهم هذا البرنامج. هذا قد يبدو مفهوماً، ففرح وعبدالكريم وفارس وبرواس سيجدون الأمكنة التي تحتفي بهم مع المعرفة المسبقة بأن واحداً منهم فقط سيصل الى المرتبة الأولى، وسيخطف الأضواء بعد أسابيع قليلة. مشكلة المتسابق الفلسطيني عساف تبدو عويصة أكثر. فالمكان إن فاز بالمرتبة الأولى أو لم يفز سيضيق به أكثر. وفي غزة تدور أحاديث كثيرة من حوله ومن حول موهبته. في الضفة الغربية، يبدو الأمر كذلك. يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإرسال وفود للتهنئة وبتوصيات ليس هنا سبيل ذكرها. قد يبدو هذا طبيعياً أو غير طبيعي في حياة الفلسطينيين. ليس هنا مجال لتفسير ذلك أيضاً، فقد يلقى هذا التفسير معارضة ويثير امتعاض الذين يرون الآن في محمد عساف أملاً فلسطينياً واعداً بعد أن تخرّبت حياة الفلسطينيين في أكثر من مكان وزمان. مهم قراءة الصورة من زاوية أخرى. مهم قراءة الحالة نفسها. ففي اللحظة التي تقوم السلطة الفلسطينية بالاحتفاء بعساف، تبدو سلطة الحكومة المقالة في غزة مرتابة بالظاهرة ذاتها. في الأساس لم تكن مرتاحة لعساف منذ أن غنّى «علّي الكوفية» التي ترمز الى حركة «فتح» في عُرف حركة «حماس». الآن تبدو الأوضاع معقدة أكثر من حول المغني الشاب الذي يحصد الأصوات والإعجاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي البيوتات الغزية المحافظة. هذا خرق كبير قد لا تحتمله سياسة «حماس» التي بدأت تتضح أكثر فأكثر مع كثير من القرارات التي تصدر متسارعة أخيراً وتبدو متشددة في شؤون اجتماعية كثيرة. ربما يجيء دخول القناة الاسرائيلية الأولى عبر لوري لونشتاين على خط برنامج «آراب ايدول»، ليزيد من تعقيد الأوضاع حول محمد عساف. يقول لونشتاين متسائلاً لم لا يفوز هذا الشاب الفلسطيني الموهوب طالما أنه يمتلك الشكل الجميل والصوت الذي اكتسح كل شيء ووصل إلى السماء. لا نعرف خبرة المعلّق لونشتاين بالغناء العربي. لكنّ تعليقه يفتح الأبواب مشرّعة على جدل قد يبدو ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى. جدل قد يغلق الأبواب في وجه عساف الذي تنظر حكومة «حماس» في غزة إلى ظاهرته بنوع من عدم الارتياح، لكنها تحاول جاهدة أن تتجاهله حتى لا تفسد فرحة «الغزيين» به ولو إلى حين، مع المراهنة على انطفاء الموهبة حال انتهاء البرنامج، وانفضاض المولد كما يقال.